طالبت رئيسة الحزب الديمقراطي المسيحي بالسويد؛ إيبا بوش ثور، الشرطة السويدية باعتقال “من يحرض على الكراهية بعد هجوم سيدني”.
وكتبت تعليقًا على الخبر فور سماعي به الآتي: موافق بشدة، وإيمان عميق، بضرورة ذلك الآن وفورًا، وفي كل أوروبا، بل وبعد اعتقاله، ترحيله بأسرع ما يمكن. بل وأيضًا مع إعادة النظر في قانون الجنسية، وإمكانية سحبها لجرائم التحريض على الكراهية، وتشديد القوانين التي بموجبها يحصل الشخص على الجنسية ومنها : العمل لسنين طويلة، تعلم اللغة، إثبات الولاء، والإلحاح على طلبها، والامتنان عليها
.
هذا قبل المزايدات، والحديث عن الهجرة في أوروبا، لأنه موضوع معقد، وهذا ليس مكانه. فقط يجب الإشارة إلى أن إيبا بوش ثور، هي الآن ومنذ 2015 رئيسة الحزب الديمقراطي المسيحي بالسويد، وهو حزب وسط يمين. بينما يعتبر اليمين المتطرف الشعبوي الممثل في حزب ديقمراطيو-السويد Sweden Democrats ومن يمثلونهم “السياسة في أسوأ صورها”. وأظنها معلومة مهمة، لمن يهمه أن يعرف، لا أن “يولول”.
الموضوع: إلغاء حفل الشانزليزيه الغنائي أم إلغاء احتفالات الكريسماس؟ في باريس أم فرنسا كلها؟
في الأيام الأخيرة، تحول إلغاء الحفل الغنائي الجماهيري في جادة الشانزليزيه إلى مادة إعلامية ساخنة في بعض المنصات العربية الصفراء ووسائل اليمين الأميركي المتطرف، وتم نشر أخبار متلاعب بها من المخابرات الروسية كجزء من الحرب النفسية والدعائية المخابراتية. العناوين كانت مذهلة: «باريس تخاف»، «اليسار دمر العاصمة الفرنسية»، «الإرهاب يفرض كلمته». لكن الوقائع تقول شيئا مختلفًا تمامًا.
ما الذي أُلغي فعليًا؟ ألغي حفل غنائي جماهيري مفتوح، ولم تُلغ، لا الاحتفالات العامة في باريس، ولا الألعاب النارية، ولا الأنشطة الثقافية والسياحية المرتبطة بهذه المناسبة. ونظرة واحدة لجادة الشانزليزيه التي يتزايد فيها أعداد الحضور المجاني لحفل يضم أكثر المغنيين شهرة وشعبية عام بعد عام، ومجاني، بالنسبة لي كارثي، وأنا كنت أرفض الذهاب وأرى أنه تهور أمني، وثقة زيادة عن الحد يصل حد الاستهتار، يجب وضع حد له، لأن العالم كله الآن وخاصة أوروبا الغربية وأمريكا وأستراليا بالفعل تحت تهديد عمليات إرهابية قذرة.
انظر صورة المقال من فضلك!
الخلط بين قرار إداري محدود وإلغاء الاحتفالات كليا هو أول خداع صحفي.
الإرهاب؟ أم تراخ سياسي؟
لا توجد أي موجة هجمات إرهابية تصاعدت في الشانزليزيه مؤخرًا، ولا تهديد محدد وشيك ليلة رأس السنة. القرار كان احترازيا بحتًا، بسبب:
- اكتظاظ يتجاوز أحيانًا مليون شخص، يجب أن تتخيل هذا أولًا.
- صعوبة الإخلاء السريع – شوارع جانبية لا تسمح لا بالتدخل السريع ولا بصرف الناس وتأمينهم في حالة حدوث أي شيء مخل بالنظام أو الأمن أو المشاحنات السخيفة في هذه المناسبات.
- مخاطر التدافع، الشغب، والمفرقعات.
- بالإضافة أيضًا إلى خطر أي عمل إرهابي أحمق.
هذه مخاطر لوجستية، لا أيديولوجية، لكنها تحولت في وسائل الإعلام الصفراء إلى قصة انهيار فرنسا.
مقارنة مع العواصم العالمية
لندن: لا تقيم حفلا غنائيًا مفتوحًا، وتعتمد تذاكر وتقسيم مناطق للحشود.
برلين: قيدت المفرقعات بعد فوضى متكررة، وأعتُبر إجراءً طبيعيًا.
نيويورك: تُغلق تايمز سكوير أمنيًا بالكامل، مع تفتيش شامل، لكن لا أحد يصف هذا بـ«تراخ سياسي».
موسكو: تُقلص التجمعات لأسباب أمنية، لكن وسائل الإعلام الموجهة والصفراء وهلافيطها يتتجاهلون هذه القرارات، وعينهم “الحمضانة” فقط على باريس، وأوربا الغربية عمومًا.
روسيا والحرب الإعلامية
روسيا، ضمن حرب سرديات أيديولوجية، تضخم أي قرار أوروبي، وتغذي منصات يمينية وصفراء بلغات متعددة، لتسويق صورة «انهيار الغرب». هنا تلتقي المصالح: صحافة صفراء عربية + يمين أميركي متطرف + آلة دعائية روسية، لتصنع رواية واحدة: الغرب ينهار.
الرسالة واضحة: ما يُعتبر «ضعفا» في باريس هو إدارة مخاطر عالمية شائعة. يستخدمها أصحاب اللطميات البائسة بكاءً على باريس الأنوار التي ضاعت ولا راد لها أهي أهي أهي.
الخلاصة: لم تُلغ احتفالات رأس السنة.
القرار احترازي إداري وليس «تراخيا يساريًا» – بالعكس كان خطأً، وسعيد بإصلاحه قبل فوات الأوان ومأساة ستكون فيها الأرقام والضحايا من أثر العلمية الإرهابية مهما كانت بدائية ومحدودة بل مجرد رفع سلاح أبيض وسط الحشود، ومهما كانت يقظة الأمن، فالقول بإن المخاطر زيرو هو عين الحماقة، فإن قتلى التدافع والدهس ستكون مروعة. عندها سيفرح من يريد إظهار أوروبا تنهار فعلًا.
في رأيي باريس لم تفقد السيطرة، بل أظهرت مسؤولية وإدارة مخاطر، وفي زمن الحروب الإعلامية، الفرق بين الصحافة الجادة والصفراء، هو هذا: الأولى تشرح الوقائع، والثانية تبيع الخوف.
