كيف حاولت الا ال سرقة التاريخ المصري؟ وكيف هدمها العلماء اليهود أنفسهم؟

بين الصهيونية والبيراميدولوجيا… مصر في مواجهة محاولات الاستيلاء على تاريخها، تمامًا كما حاولت بعض الخطابات ية المتطرفة والأفروسنترك سلبت مصر حضارتها تحت ستار “تحرير العلم من هيمنة الغرب”، حاول خطاب آخر ــ توراتي/صهيوني ــ أن يستولى على مصر القديمة باعتبارها مجرد “خلفية مسرحية للتاريخ اليهودي”، فيما يُعرف بـ”تورتة مصر” Biblicalizing Egypt.

مع صعود المشاريع الأيديولوجية اليهودية في القرن التاسع عشر ثم الصهيونية لاحقًا، ظهر اتجاه يُريد أن يجعل مصر القديمة منتجًا يهوديًا، وأن يعيد تفسير كل شيء -من يوسف إلى موسى إلى الخروج- باعتباره مركز التاريخ المصري وليس مجرد حدث عابر.

هذا الخطاب بلغ ذروته في محاولات وصلت إلى حد الزعم بأن:

– الأهرامات بناها “العبيد العبرانيون”.
-أخناتون هو “موسى الحقيقي”، أو أحد كهنته الهاربين.
-يوسف هو “المخطط للأهرامات” وصانع نظام الدولة حسب ال تفسها بأن المصريين باعوا الأرض وما عليها حتى أنفسهم لفرعون، فصارت الأرض كلها لفرعون وصار المصريون عبيده قد اشتراهم بغلة الأرض التي خزنها زمن المجاعة بمعرفة يوسف وبفضل علمه ووحيه المقدس. [1]
-موسى هو “المهندس الروحي” للدولة المصرية.
-كل عبادة شمسية أو توحيدية في مصر أصلها “عقيدة إسرائيلية”.

هكذا تحول التاريخ المصري إلى ملحق حضاري للتوراة. والأخطر: أن هذا تم بأدوات تُقدم على أنها علم لكنها في الحقيقة علوم زائفة كاملة:
-الهرميات التوراتية. (Pyramidology)
-القراءات التدخلية للكتاب المقدس.
-الا المعدلة. (جدولة وترتيب الأحداث في خط الزمن يتوافق مع التوراة كمرجع صحيح)
الجينيولوجيا التوراتية. (علم الأنساب التوراتي)
الا التوراتية الزائفة. (علم الأثار المهزأ)

الآباء المؤسسون للعلوم الزائفة التوراتية

1) : مؤسس علم الهرميات في كتابه “” عام 1859. رأى أن مقاييس الأهرام تتنبأ بكل الأحداث التاريخية المهمة، بدءً من وصولًا إلى الحروب الحديثة.

2) إيل فيليكوفسكي (1895–1979): مؤسس ما عرف بـ“الكرونولوجيا التوراتية البديلة”. كتابه الشهير Worlds in Collision [عوالم في تصادم] أعاد ترتيب التاريخ المصري ليتوافق مع النصوص التوراتية: الخروج لم يحدث في عصر الرعامسة بل قبل ذلك بقرون، والحضارة المصرية قامت بعد كارثة كونية،  والتاريخ كله يجب إعادة ترتيبه ليتوافق مع “النص التوراتي”. ومشروعه دمر ثقة العامة بالبحث العلمي، لكنه كُشف لاحقًا كخرافة منهجية [2].

علم آثار الكتاب المقدس كمشروع زائف

منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى حوالي 1965، فرضت الجامعات التوراتية والفكر الي أن وظيفة علم الآثار هي خدمة النص وليس الدليل. تجاهلوا التأريخ الكربوني، والنقوش، ونصوص ، والتسلسل الحضاري المصري والرافدي، لصالح الرواية التوراتية. كذلك كتب ومناهج تعليمية صممت لتدريس هذا “التاريخ الزائف” في الكنائس والمدارس. ولا زالت في كليات اللاهوت المحافظة على أنه علم، وفيه رسائل دكتوراه.

نقطة الانفجار: 1965 وما بعدها

كيف أسقط العلماء اليهود أنفسهم السردية التوراتية؟ ابتداءً من ستينيات القرن العشرين، بدأ انهيار كامل للمنهج التوراتي بفضل علماء يهود من إسرائيل:
– إسرائيل فنكلشتاين (Israel )
– نیل آشر سیلبرمان (Neal Asher Silberman)
– زئيف هيرزوج (Zeev Herzog)
– دونالد بروس ريدفورد (Donald Bruce Redford)
– توماس (Thomas Thompson)
– نورمان جولب (Norman Golb)

لقد أعلنوا بوضوح:
– لا يوجد دليل أثري على وجود بني إسرائيل في مصر.
– لا يوجد دليل على “خروج” جماعي.
– لا يوجد دليل على مملكة داود وسليمان كدولة إمبراطورية.
لا يوجد دليل على عبودية عبرانية في مشاريع الدولة المصرية.
– لا يوجد أي صلة بين بناء الأهرامات وأي مجموعة سامية.

أبرز كتاب: The Bible Unearthed لفنكلشتاين وسيلبرمان، أنهى بشكل حاسم ما يعرف بـ “علم آثار الكتاب المقدس” كمنهج علمي [3].

مصر في مواجهة السردية التوراتية: العلم ينتصر

علماء مصريون مثل و أثبتوا بالدليل أن:

– العمال في مشاريع الدولة كانوا مصريين.
– مدينة العمال في الجيزة ليست “جيتو عبيد عبرانيين”.
– برديات وادي الجرف تظهر إدارة مصرية كاملة.
– القبور والنقوش لا تحتوي أثرًا عبريًا.
– الأهرامات بُنيت قبل وجود أي شعب سامي في المنطقة.
– علم الأحياء الجزيئي (Ancient DNA) حسم ما تبقى من الجدل حول أصالة السكان المصريين القدماء.

الأفروسنترك والصهيونية: نهب الحضارة

تمامًا كما وقفنا ضد التيار الأفروسنترك الذي أراد تحويل مصر إلى “ملحق أسود” لسردية الصراع العرقي، يجب الوقوف ضد السردية التوراتية والصهيونية التي تحول مصر إلى “ملحق عبري” للتوراة.

– الطرفان يستخدمان الأيديولوجيا بدل العلم.
– كلاهما يريد نهب الحضارة المصرية لحساب جرح نفسي أو مشروع سياسي.
– كلاهما يحاول اختطاف التاريخ المصري من أصله المصري.

الحل أكاديمي، العلم المصري الأثري واللغوي والوثائقي هو الحامي الوحيد لهوية مصر الحضارية عبر الزمن. فقط من خلال منهجية صارمة تعتمد على الأدلة يمكن حماية التاريخ من محاولات اختطافه سواء أكانت أيديولوجيا يسارية، توراتية، صهيونية أو أفروسنترك.

‎ ‎ هوامش ومصادر: ‎ ‎
  1. سفر التكوين 47 [🡁]
  2. Immanuel Velikovsky, Worlds in Collision, Paradigma, 2009 [🡁]
  3. Neil Asher Silberman, Israel Finkelstein, The Bible Unearthed: Archaeology's New Vision of Ancient Israel and the Origin of Its Sacred Texts, Touchstone, 2002 [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي 4 حسب تقييمات 4 من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

ارنست وليم
[ + مقالات ]
‎ ‎ نحاول تخمين اهتمامك… ربما يهمك أن تقرأ أيضًا: ‎ ‎