هل الله قال؟ أم قال الكتاب؟
العصمة في القاموس
العِصْمَةُ: مَلَكةٌ إِلهيةٌ تمنع من فعل المعصية والميل إليها مع القُدرة عليه.
الوحي إشكالية، ما حقيقتها؟ وما نتائجها؟
حقيقتها: تخص النصوص الأصلية فقط، أي التي كتبها الأنبياء والرسل مباشرة.
البحث في الوحي لا يتحدث عن الكيفية التي أوحى بها الله، أي كونها حرفية أم حسب المعنى. ولكن عن أن الأصل في الوحي هو الله نفسه.
تدرُّج القضية: القرن الأول- العصور الوسطى-المصلحون- ما بعد الإصلاح – اللاهوت النظامي التقليدي [1].
نتائجها: تنعكس وتتباين حسب مدارس التفسير وعلى الفكر اللاهوتي.
الوحي الحرفي شمولي، بمعنى الانحياز المطلق للفكرة. وأثر ذلك، أن يتم إغفال أثر الخلفية والسياق على معنى النص (الخلفية الاجتماعية، الخلفية الجغرافية، عادات الشعوب المُصاحبة، تاريخ الأديان، إغفال المشاعر.. إلخ).
بينما الأخذ بالتفسير المجازي (وليس الصورة المجازية) يرتكز على رسالة الكتاب المقدس وأثره في الحياة العملية التي تتوافق مع قصد الله ومحبته للبشر [2].
مثال: أوريجانوس بين الوحي الحرفي والمعنى.
أوريجانوس: تأثير المسيحية القوي وصدق النبوات دليلان على صحة الكتاب المقدس.
ثانيًا: أ. التنزيل: كلام الله لغةً وليست موحاة للبشر. لا تنزيل إذا وُجد نشاط بشري.
ب. الوحي ليس مجرد رصد للتاريخ أحداث وتعاملات الله مع البشر.
فما هو إلهي في الوحي ليس الموضوعات والمحتوى بل الكيفية التي عمل بها الروح القدس في الكُتّاب الذين كتبوا.
عصف ذهني
1. تعاملات ومعية وليست معلومات لإثبات وجود الله (أنا أكون لكم إلهًا وأنتم تكونون لي شعبًا) [3]
2. ارتضاء الله التشارك في إنسانية البشر
3. عالمين هذا أولا: أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص.لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس.
[4]
4. الذكرى والتذكر.
5. ضمانات صحة النص: الله في مركزية النص- وجود الروح القدس- الذكرى كحفظ للحَرْف والتذكُّر كمحرِّك للتواصل.
قامت خبرة الكتابة عند شعب إسرائيل بدور التذُّكر وليس دور الذكرى حيث تكون الذاكرة فن تدريب القدرة الفردية على مجرد حفظ معلومة أو ترديدها. أما التذكُّر فهو ثقافة الذاكرة التي تؤسِّس عند الجماعة التزامًا اجتماعيًا فوق مستوى الأفراد بمعنى أن تكون الشيء الذي لا ينبغي للجماعة أن تنساه.
التذكُّر : يعطي للتاريخ المقدرة أن يواصل سيره إلى الحاضر، بالتالي تتوافر الفرصة لإحداث التغيير.
الذكرى: عكس ما يحدث في الذكرى حيث لا تسمح للتاريخ بالتواصل إلى الحاضر ولا تعطي فرصة للتغيير، فالذكرى جامدة على الدوام، فإدراج قوائم الملوك مثلًا في الحضارة المصرية تدخل تحت بند الذكرى إذا كان الهدف مجرَّد حصر أسماء، وهذا ما يحدث بالنسبة للدراسة الكتابية عند حفظ أسماء القضاة الذين قضوا لإسرائيل حسب تواليهم لمجرد حصر الأسماء ليس إلا.
الانتقال من المرحلة الشفاهية إلى مرحلة تدوين النصوص الدينية في إسرائيل يمثل الدخول إلى ثقافة التذكُّر وليس مجرَّد سجل أخبار، فسفر الخروج مثلا يعتبر (شخصًا) من شخوص الذكرى عند بني إسرائيل، وسفر التثنية نسق من أنساق فن تقوية الذاكرة لم يسبق للعالم القديم أن شهد مثله، لأن السفر يركِّز على خلق القدرة عند شعب إسرائيل بتذكُّر الروابط والعهود التي قطعها على نفسه في مصر وسيناء والبرية ومؤاب، فمن يستطيع أن يتذكَّر هذه الأماكن وهو في إسرائيل يمكنه أيضا أن يحتفظ بصورة إسرائيل وهو في المنفى في بابل.
ويتصل بفكرة الذاكرة والتذكُّر فكرة أخرى وهي فكرة الإعادة والتكرار، وهي تعني أن هناك فارقًا بين أن “يعيد” المرء قراءة أحداث وأن “يكرِّر” نفس الأحداث؛ ففي الحالة الأولى هي إعادة لمجرد الإعادة بلا جديد، أما التكرار فهو ممارسة “فن تقوية الذاكرة الجمعية” فتتواصل الخبرات ويتولَّد منها الجديد، وسفر التثنية مثالًا على ذلك باعتباره فنًا من فن تقوية الذاكرة الجمعية التي تؤسس في الوقت نفسه لظهور صورة جديدة للهوية والذكرى الحضارية للشعب في أرض الميعاد.
فسفر التثنية تقوية الذاكرة ويمكن بفضله حفظ كل الروابط الحاسمة والالتزامات والعهود للشعب. وهذا يوضح تفاعل كلمة الله بقوة وباتساع مع شعب الله وبواقعية ومنطقية وروحانية بدلًا من الإصرار على إثبات صحة النص عن طريق الحَرْفية والإملائية. الخ.
القراءات اليومية بين الذكرى والتذكُّر
القراءات اليومية من الوسائل المساعدة سلاح ذو حدين فهل هي تخدم الذاكرة أم تخدم التذكُّر؟ هل تتيح القراءات اليومية ملامح للذاكرة تسمح للتاريخ (ما نقرأه) بالتسرُّب إلى الحاضر (ما نعيشه) وتعطي فرصةً للتغيير، أم هي ذكرى لا تسمح للتاريخ بالتسرُّب إلى الحاضر ولا تعطي فرصةً للتغيير بل جامدة على الدوام؟
