المقال رقم 3 من 4 في سلسلة عن لا مؤاخذة الليبراليين

في مروية، صورة بتتصدر من البعض، في السوشيال ميديا والإعلام المسيحي، تصور المحافظين كمجموعة من المُضطهدين، المُحتملين لآلام الحفاظ على الإيمان ضد الليبراليين المنحلين الذين يجدون الدعم ولا ينشغلون إلا بأمور فاسدة وغير أخلاقية.

إنهم، “المحافظين”، الحملان ضد ذئاب ال، والقابضين على الجمر في سبيل نصرة الإيمان والعقيدة.

لكن نظرة متفحصة لهذه المروية ربما تقدم صورة مختلفة قليلًا. في الحقيقة إن من يهاجمون ويشوهون الآخر، مستخدمين لغة، أقل ما توصف به هي أنها غير لائقة، هم من يعتبرون أنفسهم من المحافظين. وبينما يصعب على شخص يحترم مستمعيه أو قرائه أن يتكلم أو يكتب دون أن يدقق في المحتوى الذي يقدمه، نجد أن “المحافظين” مستعدين لتقديم أية أفكار بأي طريقة، معتمدين على أن الشتم والتخوين سيجعل منهم أبطال الإيمان الذين لا يحتاجون إلى مراجعة.

في أحد الحلقات التلفزيونية تكلم المتحدث لمدة دقائق، معظمها صور بلاغية لا تخلو من أخطاء عجيبة، وبعد هذه الدقائق قال لمشاهديه: الآن قدمت لكم شرحًا كاملًا عن الليبرالية! طبعًا هذا أرحم ممن يكتبون ليتناولوا إيمان هذا أو أمانة تلك لينهوا “البوست” المملوء بالإساءات بآية عن ضرورة التمسك بالحسن والبقاء أمينين للكلمة. وأنا الحقيقة لا أعرف ما هي الأمانة أو الفضيلة التي تسمح لصاحبها باتهام شخص بما ليس فيه سواء عن جهل أو حقد، أو مزيج من الاثنين.

إن دعوات التكفير، والمطالبة بمنع الكتب والكتابات، والدعوة للمحاكمات والعزل والتهجم على معهد علمي لأنه يقوم بخطيئة التعليم.. كل هذا وأكثر لم يأت من “الليبراليين” ضد “المحافظين”، وإنما العكس… لذا ربما يجب أن يتوقف هؤلاء عن مروية المُضطَهد المضحي من أجل الحق، ويعتمدوا مروية أسود الإيمان أو محاربو الفضيلة الذين يرهبون عدو الله والدين!

وبعيدًا عن الشكل، أنا لست متأكدًا أيضًا إن كان الموقف “المحافظ” يكلف أكثر أم الموقف “الليبرالي”. في مجتمع “متدين بطبعه” صورتك كمناضل ضد أعداء الدين تضمن لك الشهرة وتعليقات من نوعية (ربنا يبارك حضرتك وينصرك عليهم)، بينما محاولة التفكير غالبًا ما ستقود لاتهامك بالعمالة لكنائس متحررة أو محاولة نشر عقيدة فاسدة تستخدمها انت ومن شاكلك لتبرير فسادكم الأخلاقي!

أيضًا تختلف نوعية القضايا التي ينشغل بها كل طرف. فتجد “المحافظين ” يتشنجون ضد ترجمة ربما لم يقرأوها، أو رسالة ماجستير لن يلتفت إليها معظم متابعيهم أو يعرفوا ما هي مشكلتها بالضبط، أو صراع حول في بلاد لا تدرس التطور، أو تدرس أصلًا.. وهي قضايا كما ترى “خطيرة” وقد تكلف من يثيرها الكثير.

في المقابل، تجد اهتمام “الليبراليين” متجه نحو قضايا غير مهمة ولا ترتبط بحياة الناس، من قبيل حرية المرأة في بلاد تنتهك فيها النساء يوميًا، أو كرامة الإنسان وحريته في دول لا تعتبرهما، أو ال في مجتمعات تكرس الطبقية… وغيرها من القضايا التي تليق بمن يروجون للإثم والفساد الانشغال بها!

لقد أصبح السبت لدينا أهم من الإنسان، وصار ملكوت الله عقائد وتشريعات، لا سيادة لمشيئة الله على الأرض كما في السماء. لذا صار مقبولًا أن يتصور من يهاجمون الآخرين بدعوى الدفاع عن الإيمان أنهم المجاهدين الصابرين، وصار من يهتم بالإنسان “ليبراليًا”.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

‎ ‎ جزء من سلسلة: ‎ ‎ عن لا مؤاخذة الليبراليين[الجزء السابق] 🠼 مش زي ما احنا فاكرين[الجزء التالي] 🠼 أنا أعظم المتواضعين والمجد ليك يا رب
چورچ مكين
[الموقع الشخصي]   [ + مقالات ]
‎ ‎ نحاول تخمين اهتمامك… ربما يهمك أن تقرأ أيضًا: ‎ ‎