المقال رقم 2 من 2 في سلسلة عن لا مؤاخذة الليبراليين

ده فيلم قصير أشجعكم على مشاهدته.

الفيلم بينقل عمق مثل السامري الصالح. يسوع كان ضد التنميط، وفي مثل السامري الصالح مش بس قدم إن القريب ممكن يكون هو اللي بنظنه عدو، لكنه كمان كان كاشف في إدانته لرياء المتدينين اللي كان المستمع يتوقع منهم مساعدة الراجل المتألم.

التنميط اختراع بيسهل الحياة. احنا كبشر صعب علينا، أو بنكسل، نتعرف على كل إنسان على حقيقته. فالأسهل إننا نصنف الناس في أنماط أو أقسام، فلما نشوف شخص نحطه في تصنيف معين ونتعامل معاه على هذا الأساس. ده اللي بيخلينا لما نتعرف على شخص جديد بنبقى مهتمين نعرف دينه، وظيفته، ساكن فين… المعلومات التي تساعدنا على وضع مسمى ما على الشخص وتحدد تعاملنا معه.

لما بيحصل نفس الأمر لينا موجع، إن حد يتعامل معاكي مثلا كامرأة لا تعرف كيف تقود سيارة، أو مسيحي مستكين وضعيف، أو تسكن هذا المكان فأنت مرفه أو دون المستوى حسب المكان، أو أنت ليبرالي… عايز تهدم المعلوم من الدين بالضرورة، وأكيد عايز تروج للانحلال الأخلاقي. ومع إننا كبشر بنتألم عندما يحكم علينا أحدهم أو يضع علينا مسمى دون أن يعرف جوانب شخصياتنا المختلفة، إلا إننا نقع في نفس الخطأ عندما نتعامل مع الآخرين.

مقاومة الرغبة في التنميط ليست بالأمر السهل، إنها تتطلب اهتمام حقيقي بالناس يتعدى مظاهرهم، وتحتاج إلى نوع من التواضع يدرك أن الطبيعة الإنسانية أعقد من أن تختصر تحت مسمى أو label.

والأمر ده صحيح جدا في حكاية ليبرالي دي… ببساطة لأن ال في أحد تعريفاتها هي موقف فكري وسلوكي بيقبل فيه الإنسان المختلف معه من غير تشدد في الرأي. النوع ده من التسامح أو المرونة بيعتمد على الشخص لكنه نتاج مجتمعي أيضًا. لو أنت في مجتمع منغلق ومتشدد، فيمكن تكون شخص محافظ على المستوى الاجتماعي واللاهوتي، ومع هذا تتهم بالليبرالية فقط لو كنت بتستخدم عقلك وبتسأل أو بتقبل إن الحياة يكون فيها آراء مختلفة. لو العكس، وأنت في مجتمع منفتح وقيمة الحرية فيه مهمة، نفس الشخص ممكن يعتبر محافظ أو حتى متشدد. ليبرالي أو محافظ مش صفة مطلقة، السؤال لازم ديما يكون ليبرالي أو محافظ مقارنة بمين وفي أي سياق؟

مش بس كده، الشخص ممكن يكون محافظ جدًا دينيًا وليبرالي سياسيًا، بيقبل التعددية وتداول السلطة وغيرها.

لما حد يقولك المرة الجاية ده ليبرالي، فكر في إيه معنى التصنيف ده. فكر هل الشخص اللي بيطلق التصنيف عارف الإنسان ده فعلا وفاهم أبعاده ولا بيستسهل فبيديله عنوان وتصنيف، أو يمكن حتى مغرض بيهدف إلى الإساءة؟

افتكر إن يسوع كان ضد التنميط.. وأن الشخص اللي كل المستمعين توقعوا منه الشر طلع هو السامري الصالح، بينما رجال الدين المفترض فيهم الإحساس بالآخر قدروا يعموا أبصارهم ويتجاوزوا عن احتياج وآلام الرجل المطروح بين حي وميت!

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

‎ ‎ جزء من سلسلة: ‎ ‎ عن لا مؤاخذة الليبراليين[الجزء السابق] 🠼 عن لا مؤاخذة الليبراليين
چورچ مكين
[الموقع الشخصي]   [ + مقالات ]
‎ ‎ نحاول تخمين اهتمامك… ربما يهمك أن تقرأ أيضًا: ‎ ‎