كعادة إبليس في تشويه الحقائق… كثيرًا ما يأتي لنا بأنصافِ الحقائق على أنّها حقائق، ونحن نقبلها منهُ، لأنّها دائمًا مُريحة، وطُرقها سهلة.
لكن هناك تتمّة لهذا القول، وهي:
“لكنّه يُضيِّع ويُفسِد القضيّة…”
“الاختلاف في الرأي لا يُفسِدُ للودّ قضيّة، ولكنّه يُضيِّع ويُفسِد القضيّة.”
جلسوا يتناقشون في قضيّة تخصّ الحياة…
فقال كلٌّ منهم رأيه:
– أحدهم قال: “أنا أظن…”
– وآخَر قال: “أنا أعتقد…”
– وآخر قال: “أنا رأيي كذا…”
– وأكثرهم قال: “أنا وجهة نظري كذا…”
– وأخرى قالت: “لا أَعرف.”
وأخيرًا تكلّم أحدهم، بعد صمتٍ طويل،
وقال:
“الحقُّ يقول كما رأيناه في حياة يسوع…”
فقالوا له بنوعٍ من السخرية والثقة:
“أتظنّ أنك تملُكُ الحق؟!”
فأجابهم:
“ألم تسألوا عن قضيّةٍ تخصّ الحياة؟!
فأنا قد اعتدتُ أن أسير في طريق الحياة بالحق،
وليس بوجهات النظر، أو الاعتقادات، أو الظنون.
أنا لا أمتلكُ الحقّ، بل الحقّ هو من امتلكني وحرّرني!”
فبدأ كلُّ مَن ظنّ، ومَن اعتقد، ومَن قال وجهة نظره،
يُفكّرون في أنفسهم تجاهه، مخاطبين أنفسهم:
– مسكين… لا يعرف الحياة.
– لا يُجيد آداب الحوار.
– يُريد أن يكون مُختلفًا.
– يهذي من كثرة القراءة لكثيرين.
– لقد مَسَّه الجنون… لم يكن هكذا!
– لم يَصِر عندهم كأمسٍ ولا أول أمس!
ومن ثمّ…
فَسَدَ وُدُّهم له.
فخرجوا يُكمِلون حياتهم بما ظنّوا واعتقدوا،
ولم يَفسُد ودُّهم لبعضهم.
لكن كانت هناك نفسٌ منهم،
تُريد أن تَحيا حياةً سليمة…
وهي التي قالت: “لا أَعرف…”
فاستضاءت بما سَمِعَته،
لأنّها كانت لها أُذُنٌ تَسمع للحق…
فخرجت إلى الحياة بعينٍ مفتوحةٍ مُنيرة.
فَتَمِّمُوا فَرَحِي، حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا، وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ، بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا.
[1]