- أسطورة ١٦ فرقة مسيحية أنكرت الصَّلب
- إنجيل برنابا
- إنجيل يهوذا
- رؤيا بطرس
- أعمال يوحنا
- ☑ العظة الثانية لشيث العظيم
- رسالة بطرس إلى فيلبس
- باسيليدس السكندري الغنوصي
النص الخامس الذي لدينا هو نص غنوصي من نصوص نجع حمادي، اسمه “The Second Treatise of the Great Seth”
بالرغم من تسميته على اسم “شيث العظيم”، إلا أن النص لا يذكر اسم شيث بالمرة. ولكننا أخيرًا، سنرى اليوم نصًا فيه قصة الشبيه!
وعلى الرغم من أن هذا النص اسمه “العظة الثانية”، إلا أن العظة الأولى مفقودة، وربما لم تكن هناك عظة أولى أصلًا [1].
وهذا النصّ يرجع للقرن الثالث [2]، والجزء الذي يتكلم عن حادثة الصلب يقول [3]:
لقد كان آخَر، لقد كان أبوهم، هو الذي شرب المُرَّ والخَل. لم أكن أنا. ضربوني بالقصبة، لقد كان آخَر، سمعان الذي حمل الصَّليب على ذراعيه. لقد كان آخَر الذي وضعوا عليه تاجَ الشَّوكِ. ولكنِّي كُنت أبتهِجُ في العُلا، فوق كُلِّ غِني الأرخونات [archons] وبَنِي خطاياهم، فوق مجدهم الزَّائِف. وكنت أضحَك على جهلهم.[4](العظة الثانية لشيث العظيم ٥٦: ٦-١٩)
يعلّق كريستوفر توكيت على الاعتقاد الغنوصي ويقول إنها تعكس معرفة، وربما أيضًا اعتمادًا نصيًا على الأناجيل القانونية. هذا هو نفس ما قد وصلنا إليه في هذه السلسلة. النصوص الغنوصية تعلّق على نصوص الأناجيل وتنتقدها وتعيد شرح بعض الأحداث بطريقة غنوصية، بينما تحكي عن أحداث بديلة في البعض الآخر منها. من المهم أن نفهم الهدف من هذه الإشارة: الاعتماد النصي يعني أن النص الغنوصي هذا ليس لديه مصدر منفصل للمعلومة عن الأناجيل الإزائية. لا يمكنك اعتباره مصدرًا تاريخيًا منفصلًا، لأن المعلومة هي الإنجيل القانوني الذي ينقل منه أو يعتمد عليه. ولهذا السبب، على سبيل المثال، عندما ندرس أي موقف مذكور في الأناجيل الإزائية (مرقس ومتى ولوقا)، نعتبره مذكورًا في مصدر واحد، لأن متى ولوقا أخذا الخبر من مرقس، وبالتالي لديك مصدر واحد. نفس الحال مع الأناجيل الغنوصية: إذا كان الكتاب يعتمد في سرده على إنجيل قانوني (سواء كان يدعمه أو ينتقده)، فالمصدر هو فقط الإنجيل القانوني. لا يمكننا اعتبارهم مصدرين منفصلين [5].
يطرح كريستوفر توكيت رأي بعض الدارسين ويختلف معهم. هذا الرأي يقول إن قصة أن سمعان القيرواني هو تحديدًا الذي صُلب بدلًا من يسوع جاءت من إعادة تفسير لنص مرقس 15: 21-24:
فسخروا رجلًا مجتازًا كان آتيًا من الحقل، وهو سمعان القيرواني أبو ألكسندرس وروفس، ليحمل صليبه. وجاءوا به إلى موضع «جلجثة» الذي تفسيره موضع «جمجمة». وأعطوه خمرًا ممزوجة بمر ليشرب، فلم يقبل. ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها: ماذا يأخذ كل واحد؟ وكانت الساعة الثالثة فصلبوه.(إنجيل مرقس ١٥: ٢١-٢٥)
يرى بعض الدارسين أن ما استغله الغنوصيون هنا هو أن الضمير في الكلمات: “صليبه، به، أعطوه، صلبوه، ثيابه” غير محدد، هل المقصود به يسوع أم سمعان القيرواني؟ وبالتالي، هذه النصوص هي التي فتحت الباب لسردية أن يسوع استُبدل بسمعان القيرواني في هذه الأحداث تحديدًا. بالطبع، الكلام في إنجيل مرقس واضح أنه عن يسوع في بقية النصوص، لكن استغلال غموض الضمائر في النص كان هو التخريجة التي استغلها البعض في إعادة قراءة النص. وسنتكلم عن تفسير مرقس 15: 21-24 بشكل أكثر تفصيلًا عندما نناقش باسيليدس في مقال قادم.
في قاموس جامعة ييل، هناك إشارة إلى نص آخر في العِظة الثانية لشيث العظيم، يعتمد في نصه على إنجيل متى [6] [7]. كما يوجد أيضًا كتاب اسمه نصوص نجع حمادي والكتاب المقدس
يعرض نص العِظة الثانية لشيث العظيم والنصوص الموازية لها في العهدين [8].
الجدول القادم مبني على الكتاب السابق، وبه ترقيم لبعض نصوص شيث وترقيم لنصوص العهد الجديد لتوضيح فكرة الاعتماد الأدبي على نصوص العهد الجديد. لاحظ أن ما سأكتبه لك ليس كل ما ورد في الكتاب، ولكن لتجنب زيادة عدد الكلمات، سأذكر بعض الأمثلة المهمة، وسأترجم لك بعض الأمثلة من نص شيث لتقارنها بشواهد العهد الجديد [9].
النص من العظة الثانية لشيث | الشاهد من شيث | الشاهد من العهد الجديد |
أنا أحضرت كلمة المجدِ التي لأبينا بصلاحهِ وأيضاً فِكره الذي لا يزول، الذي هو كلمته الذي هو فيه. | شيث 49: 20-25 | يوحنا 1: 14، يوحنا 1: 18 |
إنها العبودية، تِلك التي تموت مع المسيح. | شيث 49: 26-27 | رومية 6: 3-9 |
أنا هو الذي أكون فيكم، وأنتم في، كما أن الآب فيكم. | شيث 49: 32-35 | يوحنا 14: 20، يوحنا 17: 21، يوحنا 17: 23، يوحنا 17: 11، 22 |
لأنه كان إنسانًا أرضيًا، أما أنا فمن فوق من السماوات. | شيث 51: 34 – 52: 3 | يوحنا 3: 31، يوحنا 8، 23، كورنثوس الأولى 15: 47 |
لأن موتي الذي يظنونه كان لخطأهم وعماهم، لأنَّهم سمَّروا رجلهم لموتهم. لأن الإينويا لم تَرَني. لقد كانوا صمًا وعميانًا. ولكنَّهم بما عملوا يدينون أنفسهم. | شيث 55: 30 – 56: 4 | كورنثوس الأولى 2: 8 |
ولكنهم بما عملوا يدينون أنفسهم. | شيث 56: 3-4 | متى 27: 25 |
ضربوني بقصبة. | شيث 56: 8-9 | متى 27: 30، مرقس 15: 19 |
لقد كان آخَر، سمعان الذي حمل الصَّليب على ذراعيه. | شيث 56: 9-11 | متى 27: 32، مرقس 15: 21، لوقا 23-26 |
لقد كان آخَر الذي وضعوا عليه تاجَ الشَّوكِ. | شيث 56: 12-13 | متى 27: 29، مرقس 15: 17، يوحنا 19: 2 |
لقد كنت أنا الفاعل لهذه الأشياء لإراداتي أن أحقِّق ما أردت بمشيئة أبي الذي هو فوق. | شيث 57: 3-6 | يوحنا 4: 34، يوحنا 5: 30، يوحنا 6: 38 |
شمس قوَّات الأرخونات غابَت، لاحت عليهم ظُلمة. | شيث 58: 20-21 | متى 27: 45، مرقس 15: 33، لوقا 23: 44 |
حجاب الهيكَل شقَّه بيديهِ. لقد كانَت هزَّة قد اجتاحت فوضى الأرض لأن أرواح النائمين قد أطِلقَت. وقاموا. وتجاسروا إذ تركوا عنهم غيرة عبودية الجَهل والجهالة بجوار قبورهم. | شيث 58: 26 – 59: 3 | متى 27: 51-53 |
وإذ لبسوا الإنسان الجديد لأنّهم عرفوا الآب المُبارك الواحد الكامل الأبدي وغير المفهوم. | شيث 59: 4-7 | كولوسي 3: 10 |
يخدمون سيدين. | شيث 60: 2 | متى 6: 24، لوقا 16: 13 |
لأن لنا ذهن الآب في السِّر غير المنطوق. | شيث 60: 10-12 | كورنثوس الأولى 2: 7، 16 |
أنا هو الذي لم يعرفه العالم، ولأجل هذا قام العالم ضدِّي وضِدّ إخوتي. | شيث 64: 13-15 | يوحنا 1: 10-11 |
أنا كنت في حضن الآب منذ البدء. | شيث 70: 5-6 | يوحنا 1: 1-2، يوحنا 1: 18 |
الأمثلة السابقة توضح لك لماذا يرى كريستوفر توكيت إن النصوص الغنوصية تعتمد نصيًا على الأناجيل الإزائية، وواضح أيضًا أنها تعتمد على يوحنا وباقي نصوص العهد الجديد. وبالتالي، نحن لسنا أمام نص يقدم مصدرًا تاريخيًا موثوقًا وقديمًا يعود إلى زمن الصَّلب، ولكن أمام نص يعرف نصوص العهد الجديد ويتنازع معها لاهوتيًا من خلال إعادة قراءة نصوصه في ضوء الأسطورة الغنوصية.
في حواشي كتاب يهودي مُهمّش: إعادة النظر في يسوع التاريخي
، يوضح چون پول ميير، نقلًا عن كولر [10] أن اعتماد العِظة الثانية لشيث على إنجيل متَّى “مُرجَّح [11]
الصورة الإجمالية لإنجيل متَّى في كتابات نجع حمادي المسيحية هي نفس صورة استلام النصّ التي نجدها لمتَّى في القرن الثاني. هذه الكتابات بوضوح تفترض كون متَّى نصًّا هامًّا، وفي بعض الحالات تعتبره النصّ الأهمّ.(چون پول ميير، يهودي مُهمّش: إعادة النظر في يسوع التاريخي)
ختاماً، معلومة أن هناك بعض النصوص من القرن الثاني والثالث، تحدثت عن موضوع “الشَّبيه”. هذه القضية ليست جديدة؛ فأي شخص مُطَّلع على كتابات إيرينيئوس، وإبيفانيوس، ويوسابيوس القيصري، ونجع حمادي، يعرف هذا الكلام.
السؤال القائم الذي لم يُجب عليه حتى الآن، ولن يُجاب عليه هو: ما القيمة التاريخية للاستشهاد بهذه الكتابات، إذا كان محتواها الأساسي هو النزاع اللاهوتي، وليس في اهتمامها تدوين التاريخ؟ مَن مِن مؤرخي المسيحية المبكرة رأى في هذه المصادر مصدرًا موثوقًا لمعرفة تاريخ النصف الأول من القرن الأول الميلادي وحياة يسوع؟ وإذا لم يقل المؤرخون بذلك، على اختلاف خلفياتهم ومعتقداتهم، فلماذا لم يقولوا؟ ببساطة، لأنه لا توجد مصادر مستقلة وقديمة تسرد تاريخًا في هذه الكتابات. وببساطة، لأن المؤرخ لن يقبل بفكرة أن شخصًا ما يتلبس أشكال الناس من حوله؛ فإذا تعطلت الحواس، تعطلت كل المعارف.