في الساعات الماضية، عاد إلى السطح اسم حركة سواعد مصر [حسم]، حين تصدر المقطع الڤيديوي، الذي بثته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اهتمام المتابعين والمحللين، بعد أن كانت حركة حسم مجرد ذكرى لرد فعل مرتبك لجماعة الإخوان التي تصدعت تحت وقع الرفض الشعبي في بلد المنشأ؛ مصر.

أشار المحللون ممن أجروا فحصًا للمقطع المصور، إنها تشبه كثيرًا الأراضي السورية والليبية، ومن المُرجح أن تكون هذه المجموعة تجري تدريباتها العسكرية في ليبيا بسلاح روسي من سوريا. صاحب المقطع بيان تهديد، أشار إلى أنّ القاهرة ليست بمعزل عن هذه المعركة. أظهر الفيديو القادم من زمن مختلف، عددًا من الملثمين المسلحين الذين اجتهدوا قدر الإمكان ليبدو المقطع مثيرًا للقلق، لكن في خضم الأحداث الجارية وعمق التهديدات الإقليمية، أخذ موقعه في خانة التسويق السياسي.

أشاع الكثيرون أن الفيديو أو البيان ما هو إلا فزاعة، تستخدمها الدولة لبث الذعر بين المصريين بعيدًا عن المشكلات اليومية التي يواجهونها، متجاهلين أن حركة حسم هي حركة إرهابية حقيقية، كغيرها من الحركات والتنظيمات المتطرفة التي خرجت من عباءة ، بدءًا من التنظيم الخاص في ثلاثينيات القرن العشرين، مرورًا بالتكفير والهجرة والجهاد، وصولًا إلى القاعدة وطالبان و في الألفية الثانية. نحاول في هذا المقال تقصي نشأة حركة حسم، وأبرز المحطات والعمليات التي قامت بها، وفقًا للتصورين المحلي والدولي.

النشأة والتأسيس

عودة التنظيم الخاصتكونت حركة حسم، وظهرت للعلن إثر الشقاق بين جبهة القيادات التاريخية القديمة لجماعة الإخوان المسلمين، أو ما يسمى تيار المحافظين / التيار القطبي، بقيادة [1]، الذي يؤمن بفكرة العنف المؤجل، وبين تيار اللجنة الإدارية العليا الذي يترأسه محمد كمال [2]، أو جبهة الشباب، الذي يرى ضرورة اتباع فكرة العنف العاجل. حيث اتفقت قيادات الإخوان الفارين إلى تركيا على إعادة إحياء العمل المسلح للجماعة داخل مصر، من خلال تشكيل تنظيم مسلح جديد يتخذ عدة مسميات مثل سواعد مصر ولواء الثورة، وانتقاء عناصره ممن تتوافر فيهم المقومات البدنية والنفسية من عناصر الحراك الثوري، وضمهم لمجموعات قتالية مسلحة وتدريبهم داخل وخارج مصر، وتكليفهم فيما بعد باستهداف مؤسسات ورموز الدولة لإضعاف النظام وإحداث فوضى أمنية [3].

أكد د. مجدي شلش، عضو اللجنة الإدارية العليا الثانية، ورفيق محمد كمال عضو مكتب الإرشاد المستقيل، أن: “السلمية أقوى بالرصاص”، وأن الإخوان أصلّت للعمل المسلح، ومارسته، واعتبرته من أدوات المرحلة الناجحة في مواجهات الدولة المصرية.

تأتي أهمية هذا الاعتراف كونه صدر من قيادي بارز وهو في كامل حريته علي الهواء مباشرة في فضائية “مكملين” المحسوبة على الإخوان. كما شاركت قيادات إخوانية بارزة مثل أشرف عبد الغفار والمخرج عز الدين دويدار في ترويج المحتوي الدعائي الذي تنشره حركتي حسم ولواء الثورة، وتحرض على استعمال العنف في مواجهة الدولة المصرية.

تضمنت الحوارات التي أجراها المتحدثون باسم حركتي حسم ولواء الثورة إشارات للارتباط مع الإخوان، إذ اعترف صلاح الدين يوسف [اسم حركي] المتحدث الرسمي باسم حركة لواء الثورة في حواره مع صفحة “ق” للإعلام، بأن لواء الثورة تستقي أفكارها من ٤ مُنظرين بشكل أساسي، وهم: ، ، ، و، واختيار هذه الأسماء الأربعة، التي كانت في يوم من الأيام قيادات للجماعة في مصر وخارجها، يكشف عن الجذور الإخوانية الصرفة لحركة حسم.

(أحمد سلطان، عودة التنظيم الخاص: القصة الكاملة لـ”حسم” وأخواتها)

مفردات الخطاب الإعلامي

بنظرة تحليلية إلى البيانات العسكرية والخطابات الإعلامية التي نشرتها حركتي حسم ولواء الثورة (ومن قبلهم حركتي العقاب الثوري والمقاومة الشعبية)، نجد تطابقًا في المصطلحات التي تستخدمها تلك الحركات وبين المصطلحات التي تستخدمها جماعة الإخوان المسلمين. حيث تستخدم حسم مصطلحات: المجرم، الخائن، العميل، مرتزق، دولة الفرعون، داخلية ، مليشيات، الفاشي، المُستبد، وهي نفس التوصيفات التي أصبغتها جماعة الإخوان على نظام الحكم المصري منذ يوليو 2013، في حين لا تستخدم مصطلحات: الطاغوت، الكافر، المرتد، الطائفة الممتنعة، وهي المصطلحات التي تستخدمها التنظيمات الجهادية التقليدية كتنظيمي القاعدة وداعش [4].

عمليات إرهابية نفذتها حسم

منذ ظهور حركة حسم عام 2013، نفذت العشرات من العمليات الإرهابية النوعية المسلحة، من بينها وأبرزها محاولة اغتيال الدكتور ، مفتي الديار المصرية السابق [5]، واغتيال النائب العام هشام بركات، والمتهم الأول فيها يحيى موسى، مؤسس حركة حسم [6]. بالإضافة إلى ذلك في الأعوام 2016 وما تلاها، وقع اغتيال الرائد محمود عبد الحميد، رئيس مباحث مركز شرطة طامية بالفيوم [7]، وفي نفس العام أحبطت قوات الأمن المصرية محاولة حسم لاغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز عثمان [8]. كما تم اغتيال ضابطين وأربعة مجندين بتفجير عبوة ناسفة في حي الهرم بالجيزة [9].

حسم في التصور الدولي

بشكل عام، يمكن القول إن التصور المحلي لحركات العنف المسلح في مصر بدأ يتشكل جميعها منذ عام 2013 عقب سقوط نظام الإخوان، وتصاعدت حدة العنف والموت تدريجيًا حتى بلغت أقصاها في عامي 2018 و2019، ثم بدأت تنحسر تدريجيًا كما بدأت. التصور الدولي مختلف نوعًا ما، فهو لا يتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين بشكل مباشر، بل مع كل تنظيم خاص بشكل مستقل، ويرصد فظائع هذا التنظيم بشكل مُرقَّم مبني على عدد الضحايا، لا عدد العمليات، ولا يُدرج هذا التنظيم في قوائم الإرهاب الدولي إلا عند بلوغه حدًا معينًا من الضحايا، ودون المساس بالحاضنة الأم؛ جماعة الإخوان المسلمين ذاتها.

من بعد المقدمة السابقة، فالوجود الدولي لـحركة سواعد مصر، والمعروفة باسم حركة حسم، بدأ من عام 2016، على كونها جماعة إسلامية مسلحة تنشط في مصر [10]. ورغم قلة نشاط الجماعة، إلا أنها أظهرت تنظيمًا وانتشارًا متقدمًا للغاية، مما دفع إلى ربطها بجماعة الإخوان المسلمين [11].

2016

  • في 16 يوليو، أطلق مسلحون النار على سيارة شرطة في طامية، الفيوم، مما أسفر عن مقتل ضابط وإصابة اثنين في الهجوم [12].
  • في 5 أغسطس، أعلنت حركة حسم مسؤوليتها عن محاولة اغتيال مفتي مصر السابق علي جمعة [13].
  • في 4 سبتمبر، أصيب مجندون من قوات الأمن المركزي بعد محاولتهم تفكيك عبوة ناسفة في مدينة دمياط، وأعلنت حركة حسم مسؤوليتها عن هذا الهجوم [14].
  • في 8 سبتمبر، أطلق مسلحون النار على ضابط شرطة في مدينة السادس من أكتوبر بالجيزة [15].
  • في 29 سبتمبر، حاولت حركة حسم قتل زكريا عبد العزيز، مساعد أول للنائب العام المصري، أثناء عودته إلى منزله من مكتبه في شرق القاهرة [16].
  • في أوئل أكتوبر، هاجم مسلحون ضابط شرطة بالقرب من منزله في المحمودية بالبحيرة  مما أسفر عن مقتل الضابط [17].
  • في 4 نوفمبر، أعلنت حركة حسم مسؤوليتها عن محاولة اغتيال القاضي المحلي أحمد أبو الفتوح في مدينة نصر، لكونه واحدًا من ثلاثة قضاة حكموا على بالسجن عشرين عامًا في 2015 [18].
  • في 9 ديسمبر، أعلنت حركة حسم مسؤوليتها عن هجوم على نقطة تفتيش على طريق رئيسي بالقرب من مجمع أهرامات الجيزة، أسفر عن مقتل ستة ضباط شرطة [19].

2017

  • في 4 يناير، أطلق مسلحون النار على سيارة تابعة للشرطة الوطنية المصرية في إبشواي بالفيوم، مما أسفر عن مقتل ضابط وإصابة آخرين [20].
  • في 27 مارس، أطلق مسلحون النار على ضابط شرطة في قرية بصرتة بدمياط، ما أدى إلى مقتله. وبعد أسابيع، أطلق رجال الأمن النار على المهاجم المحتمل المسؤول عن جريمة القتل، وفي العملية، أصيب ضابطان [21]، وخلال الأشهر التالية، استمرت الحركة بنشاطها المسلح [22].
  • في أول مايو، هاجم مسلحون موكبًا لعناصر الشرطة الوطنية المصرية، أسفر عن مقتل ثلاثة ضباط وإصابة خمسة آخرين، في مدينة نصر بالقاهرة [23].
  • في 18 يونيو، انفجرت عبوة ناسفة وأطلقت النار على سيارة شرطة في حي المعادي بالقاهرة. وأعلنت الجماعة أن الهجوم نُفذ ردًا على نقل الحكومة المصرية ملكية جزيرتين إلى المملكة العربية السعودية [24].
  • في 8 يوليو، أعلنت حركة حسم مسؤوليتها عن اغتيال الملازم أول إبراهيم عزازي بالرصاص في القليوبية، وذلك أثناء توجهه للمسجد لأداء صلاة الجمعة [25].
  • في 30 سبتمبر، انفجرت قنبلة صغيرة في سفارة ميانمار بالقاهرة. تبنت حركة حسم الهجوم مُعلنة أنه جاء ردًا على إجراءات حكومة ميانمار في صراع الروهينجا [26].

التصنيف الدولي كجماعة إرهابية

في 22 ديسمبر 2017، حظرت المملكة المتحدة منظمة حسم باعتبارها: منظمة إرهابية محظورة [27].
في 31 يناير 2018، صنفت الولايات المتحدة منظمة حسم على أنها كيان إرهابي عالمي محدد بشكل خاص [28].

وكما نوهنا سلفًا، فإن الوصم بالإرهاب الدولي يأتي على حركة حسم، دون مساس بجماعة الإخوان المسلمين.

‎ ‎ هوامش ومصادر: ‎ ‎
  1. محمود عزت إبراهيم: القائم بأعمال المرشد من أغسطس 2013 إلى أغسطس 2020، وهو حاليًا رهن السجن منذ 2020. [🡁]
  2. محمد كمال: رئيس اللجنة الإدارية العليا لجماعة الإخوان المسلمين، التي أدارت أعمال وشؤون الجماعة منذ فبراير 2014، بعد إلقاء القبض على كبار قادتها وهروب آخرين منهم خارج مصر. وقُتل خلال مواجهات مع الشرطة عام 2016. [🡁]
  3. أحمد سلطان، عودة التنظيم الخاص: القصة الكاملة لـ ”حسم” وأخواتها. العربي للنشر والتوزيع، 2025. [🡁]
  4. أحمد سلطان، عودة التنظيم الخاص: القصة الكاملة لـ”حسم” وأخواتها. العربي للنشر والتوزيع، 2025. [🡁]
  5. عربي: الداخلية المصرية: نجاة مفتي الجمهورية السابق علي جمعة من محاولة اغتيال. بتاريخ 5 أغسطس 2016. [🡁]
  6. منشورات قانونية، محاكم الجنايات، الإعدام لـ28 متهما في اغتيال النائب العام هشام بركات. دعوى 7122 / 2016 بتاريخ 2 يوليو 2017. [🡁]
  7. رباب الجالي، : استشهاد رئيس مباحث طامية وإصابة مجند وأمين شرطة على يد مجهولين بالفيوم. بتاريخ 16 يوليو 2016. [🡁]
  8. أشرف عبد الحميد، العربية: مصر.. تفاصيل محاولة اغتيال النائب العام المساعد. بتاريخ 30 سبتمبر 2016. [🡁]
  9. وليد عبد الرحمن، صحيفة ال: مصر: مقتل ضابطين وجندي في هجوم إرهابي على موقع أمني. بتاريخ 5 يوليو 2017. [🡁]
  10. Deutsche Welle: Egypt militants kill dozens of police in raid, 21 October 2017 [🡁]
  11. Tony Blair Institute: What Is the Hasm Movement?, 3 November 2017 [🡁]
  12. Daily News Egypt: Anonymous gunmen kill police officer in Fayoum, 21 October 2017 [🡁]
  13. Al-Monitor: Who's behind assassination attempt on former Egyptian mufti?, 16 August 2016 [🡁]
  14. Egypt Independent: Four policemen injured while defusing bomb in Damietta, 4 September 2016 [🡁]
  15. Egypt Independent: Masked gunmen assassinate police officer in 6th October, 9 September 2016 [🡁]
  16. : Senior Egyptian prosecutor survives car bomb assassination attempt, 29 September 2016 [🡁]
  17. Reuters: Militant group claims assassination of Egyptian policeman, 8 October 2016 [🡁]
  18. Reuters: Egyptian judge who tried Mursi survives assassination attempt -ministry, 4 November 2016 [🡁]
  19. Radio France Internationale: Bomb in Egypt capital kills six, 9 December 2016 [🡁]
  20. The Peninsula: Motorcycle gunmen kill Egypt policeman: security sources, 4 January 2017 [🡁]
  21. Mada Masr: Police kill believed militant in Damietta town where residents accuse police of illegal searches, 8 April 2017 [🡁]
  22. Egypt Today: Egyptian security agencies abort series of terrorist attacks, 18 April 2017 [🡁]
  23. Deutsche Welle: Gunmen kill Cairo police in brazen drive-by, 2 May 2017 [🡁]
  24. Daily News Egypt: Hasm claims responsibility for Sunday Cairo attack, 19 June 2017 [🡁]
  25. : حركة “حسم” الإخوانية تتبنى قتل ضابط مصري. بتاريخ 8 يوليو 2017. [🡁]
  26. Africa News: Egyptian militant group claims attack on Myanmar embassy in Cairo,2 October 2017 [🡁]
  27. Al Arabiya English: UK designates ‘Hasm', ‘Liwaa el-Thawra' militant groups in Egypt as terrorist, 22 December 2017 [🡁]
  28. نسخة مؤرشفة من موقع وزارة الخارجية الأمريكية: State Department Terrorist Designations of Ismail Haniyeh, Harakat al-Sabireen, Liwa al-Thawra, and Harakat Sawa'd Misr (HASM), 31 January 2018 [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

باسم الجنوبي
[ + مقالات ]
‎ ‎ نحاول تخمين اهتمامك… ربما يهمك أن تقرأ أيضًا: ‎ ‎