لا يكفي تحديد الإيمان في المجامع، فلابدَّ من الدفاع عنه حين يتعرض لهجوم.
لم يتهرَّب أثناسيوس من أي نضال، ولم ينثنِ أمام أيّ سلطة، فلقد جسد إيمان الكنيسة.
أثناسيوس السكندري! إذا كانت هناك شخصية مثار جدل في حياتها وبعد مماتها، فهي شخصيته ولا شك. لقد كَرَّم التقليد فيه مُنقِذَ الإيمان النيقاوي؛ فلولا أثناسيوس، ماذا كان حلَّ بالمسيحيين الذين هددتهم الأزمة الآريوسية، وقد زادها رهبة ذلك الدعم الذي كانت تلقاه من السلطة؟
إلا أن هذا الاعتبار لم يمنع عددًا من المؤرخين من توجيه بعض الانتقادات إليه. لا شك في أنهم يعترفون بأنَّ أثناسيوس ناضل في سبيل الإيمان، ولكنهم يضيفون أنه فعل ذلك من دون تمييز وبتعجرف وشراسة حملاه أحيانًا على ارتكاب الظلم نحو معارضيه. أما المدافعون عنه، فيسلّمون بإمكان اتصافه بالتسلط، وحتى بالعنف، لكنهم يضيفون: أليس في اتهامه بالتعجرف تناسٍ سريع لما كانت جسامة الخطر الآريوسي تستدعيه من حزم لا ينثني؟
والحال أن الحزم والشعور بالمسئوليّات لم يُعوِزا قطّ أسقف الإسكندرية. فإن المعجبين به وأخصامه على السواء متفقون على الأقل في الاعتراف بقوّة إرادته وثبات مقاومته لاستبداد الإمبراطور؛ فقد نُفي أثناسيوس ما لا يقل عن خمس مرّات في أثناء سنوات أسقفيته الخمس والأربعين. وهذا رقم قياسي! ولم يكن الأباطرة على خطأ، فقد كان أثناسيوس ذلك الرجل الواجب تحطيمه لكسب القضية الآريوسية.
السنون الأُوَل
ماذا نعلم عن طفولته وعن شبابه؟ النزر اليسير. على الأرجح، ولد أثناسيوس حوالى السنة 295، لعائلة مسيحية من أصل يوناني، [1]، في غمرة أجواء مليئة بالصراع. أولم يحضر الإمبراطور دقلديانوس نفسُه ليحاصر الإسكندرية، في 296، من أجل قمع تمرد مضت عشر سنوات على قيامه؟ وبعد مقاومة طويلة، استولى على المدينة ودُمِّرت قنواتها وقُتِل عدد كبير من أهلِها. وكان الاضطهاد الذي شُنّ على المسيحيين رهيبًا. ولا يُعقل ألّا يكون أثناسيوس الصغير قد تأثر بتلك الأيام الحالكة. وهل كان له منذ شبابه اتصالات دائمة بالقديس أنطونيوس ومتوحِّديه؟ ربما. على كل حال تأثَّر بمثالهم في ترويض النفس والحياة الإنجيلية. ولكنه لم يدخل حقًا التاريخ إلّا سنة 320، حين كتب مقالة “في الرد على الأمم وفي تجسُد الكلمة”، ظهر فيها إيمان مقتنع بألوهة المخلِّص. وكان، في ذلك الوقت شماسًا للأسقف ألكسندروس الذي اختاره ليكون أمين سره. وبهذه الصفة رافقه إلى مجمع نيقية سنة 325.
وفي سنة 328، مات ألكسندروس، فخلفه شماسه على كرسي الإسكندريّة، ورسم أثناسيوس في يونيو، فأصبح في الثلاثين من عمره، أبرز أسقفٍ في الشرق، وثاني شخصية بعد أسقف روما، لكن أنصار ميليتوس، وهو أسقف منشق، رفضوا الخضوع لسلطته، فجاب أثناسيوس البلاد التي أُوكلت إليه، جامعًا حوله جميع الأساقفة الأوفياء للإيمان الصحيح. والتقى في جنوب مصر القديس باخوميوس، مؤسِّس أديرة المتوحدين. وكان ذلك بداية -أو تثبيت- صداقة متينة. وإثر تلك الزيارة التي قام بها لمتوحدي الصحراء “باباهم”، أيقنوا بأنه يمكنهم الاعتماد عليه. أما أثناسيوس فقد رأى فيهم، بعد ذلك، حلفاء أُمناء طوال حياته المضطربة.
اتهام أثناسيوس بالقتل
وفي أثناء غيابه، لم يضيع أخصامه وقتهم، فحوالي السنوات 328 – 330، نجح يوسابيوس، أسقف نيقوميدية، في تغليب ردَّة الفعل الآريوسية على مجمع نيقية. فأقام علاقة بأتباع ميليتوس الذين زودوه بالشكاوى على أثناسيوس. ونُقِلت تلك الشكاوى إلى قسطنطين؛ فقِيل له أن أثناسيوس يتعدى على الحق الملكي بفرضه على رعاياه في مصر ضريبة يجب أن يدفعوها كتَّانًا، وأنه، علاوة على ذلك، أهدى علبة مليئة بالذهب إلى موظف بارز يُدعى فيلومينوس، ولو ظل فيلومينوس في البلاط مرضيًا عنه لرأى قسطنطين في ذلك تفاهةً، لكن فيلومينوس فقد حظوته، واعتبرت “الرشوة” التي قدمها أثناسيوس تواطؤًا مع شخص خائن.
وأخيرًا، أتُّهم أثناسيوس بانتهاك القدسيات؛ ذلك بأنه أراد أن يطرد إسخيراس، وهو كاهن ميليتوسيّ تمت رسامته بطريقة غير شرعية. وقيل أن الكاهن تمسك بمذبحه، فأراد مبعوث أثناسيوس أن ينتزعه منه، فانقلب المذبح، وكُسرت كأس البللور.
لمّا أُخبر أثناسيوس بتلك الاتهامات، صعد من ساعته إلى نيقوميدية وتوصّل إلى تبرير نفسه لدى الإمبراطور بحيث أنه غادر البلاط بعد أن زوده الإمبراطور برسالةٍ تدين أخصامه على تصرفّهم في معاملة “رجل الله”. وبذلك، اعتقد الأسقف أنه تخلّص من الميليتوسيين. ولكنه لم يحسب حسابًا لضغينتهم. فقد رشقوه باتهام جديد أخطر بكثير، وهو أنه أوسع الأسقف الميليتوسي أرسينيوس ضربًا حتي أرداه قتيلًا. فأُمر بمباشرة التحقيق.
اغتاظ إثناسيوس وطلب من إكليروسه أن يجري تحقيقًا مضادًا … وانتهى الأمر بالعثور على أرسينيوس مختبئًا في أحد أديرة مصر الجنوبية. ثار ثائر قسطنطين، وكان لا يحب أن يسخر أحد منه، وانتصر أثناسيوس، ولكن لا لوقت طويل. فقد هاج يوسابيوس أسقف نيقوميدية والآريوسيون لدى الإمبراطور. وأخيرًا، فرض قسطنطين على آريوس أن يوقِّع شهادة إيمان على جانب من الغموض، وأمر أثناسيوس بأن يعيد قبوله في شركته الكنسيّة.
فرد أثناسيوس بأن ذلك مستحيل، ما دام آريوس لا يقبل قانون إيمان نيقية. وما كان من الميليتوسيين والآريوسيين إلا أن طالبوا بعقد مجمع، فدعا قسطنطين إليه في صور سنة 335. فوجد أثناسيوس نفسه في صفوف المتهمين. وكتب المؤرخ روفينوس أن مسألة مقتل أرسينيوس أُعيدت إلى بساط البحث، وتحوّلت الجلسة إلى مهزلة كبرى، إذ قدمت وثيقة إثبات لم تكن سوى صندوق يحتوي على ذراع الضحية! فسأل أثناسيوس: من منكم يعرف أرسينيوس ويستطيع أن يُقسِم بأن هذه هي ذراعه؟
فتقدم بعض الأساقفة. وإذا بأثناسيوس يُقدّم شاهدًا كان قد أحضره سرًا … ولم يكن سوى أرسينيوس الحي والمحتفظ بذراعيه الاثنتين، ولكن بالرغم من ذلك، لم يُبَرّأ أثناسيوس.
ولما سئم من الحاجة إلى تبرئة نفسه أمام مجمع مؤلف في غالبيته الساحقة من أخصامه، قصد الإمبراطور طالبًا إليه أن ينصفه. فاستفاد أعضاء المجمع من هروبه وحكموا عليه رسميًا وعزلوه.
ومع ذلك، توصل أثناسيوس إلى مقابلة قسطنطين، وقد بدأ ينزعج من تلك الأمور كلها. فماذا حصل بينهما؟ هل ضايق الأسقف الإمبراطور بشموخ أقواله (كما روى القديس إبيفانيوس)؟ وهل أقنع أخصام أثناسيوس الإمبراطور بأن الأسقف تباهى بقدرته على تجويع القسطنطينية بمنع نقل القمح من الإسكندرية إلى المدينة الإمبراطورية (كما روى أثناسيوس نفسه)؟ على أيِّ حال، نُفي أثناسيوس إلى تُرِير، عاصمة إمبراطورية الغرب. وفى مصر، أحدث ذلك ضجة كبيرة تجعلنا ندرك مدى تعلُّق الشعب المسيحي بـ “باباه”. فاحتج الأساقفة، وتظاهر الشعب في الكنائس، وكتب القديس أنطونيوس نفسه عدة رسائل إلى قسطنطين ليحمله على الرجوع عن قراره. إلا أن ذلك كلّه ذهب سدى. فقد أصبح الآريوسيين أسياد اللعبة، وكادت الإسكندرية أن تبقى المدينة الكبرى الوحيدة التي توصَّل فيها أنصار أثناسيوس إلى الحفاظ على التقليد القويم. وكانت علامة ذلك الانتصار أن يوسابيوس، أسقف نيقوميدية الآريوسى، هو الذي عمَّد قسطنطين على فراش الموت سنة 337.
انقلابات فجائية متتالية
ولم يكن نفي أثناسيوس سوى الأول مما كابده لاحقًا من هذا القبيل. فقد تواصلت المأساة الهزلية. ذلك بأن أبناء قسطنطين تقاسموا الإمبراطورية، فتملّك قسطنطين الثاني وقسطنطيوس الغرب، وتملك قسطنسيوس الشرق. كان قسطنطين الثاني نيقاويًا، فطلب إلى أثناسيوس أن يعود إلى الإسكندرية. وفرح المسيحيون بعودة أُسقفهم بعد انقضاء سنتين على غيابه. ولكن، هل كسب المعركة؟ لا، إذ واصل يوسابيوس أسقف نيقوميدية دسائسه لدى قسطنسيوس، وهو يعلم أنه لا يؤيّد أثناسيوس، كما حاول أن يحرِّض عليه يوليوس أسقف روما.
وأراد أثناسيوس أن يدافع عن نفسه، فوجه نداءً إلى المتوحدين. وفى شهر أغسطس وصل أنطونيوس نفسُه إلى الإسكندرية، وكان يكرَّم في ذلك الوقت تكريم القديسين، في أنحاء مصر كلها، وقد جاء ليعلن ثقته الكاملة بالأسقف أثناسيوس الذي كان في حاجة ماسة إلى مثل هذا الإعلان. ذلك بأن أتباع يوسابيوس نصَّبوا أسقفًا مضادًا هو غريغوريوس. فطُرد أثناسيوس من قصره الأسقفي في مارس 339، ونجح في الإبحار إلى روما متجاوزًا حراسة الشرطة بفضل مساعدة البحَّارة الذين كانوا يكنّون له كل إخلاص. وقد مكَّنه هذا النفي من توثيق روابطه بكنيسة روما.
وفي تلك الأثناء، كان الأباطرة المشاركون في الحكم يتحاربون، فقُتل قسطنطين الثاني. لكن قسطنطيوس، الذي واصل حمايته للإيمان النيقاوي، طلب من قسطنسيوس أن يُعيد أثناسيوس إلى الإسكندرية، وقد تيسر هذا الأمر بوفاة غريغوريوس في 345. وظهرت رحلة عودة أثناسيوس بمظهر الانتصار؛ ففي مصر، تجلت الحماسة الشعبية، اعتبارًا من مخرج الصحراء، حتى إن الموظفين أنفسهم جاؤوا لينتظروه على بعد أكثر من مائة كيلومتر من العاصمة. ورقصت الجموع ولوّحت بالأغصان. ودخل أثناسيوس وسط الهتافات. واستحق عشر سنوات من الهدوء، فعاشت مصر حقبة من الزمن في حرارة مدهشة.
لكنّ قسطنطيوس توفّي. ولم يبق لأثناسيوس من يحميه، في حين أن قسطنسيوس لم يلق السلاح. ففي 356، حاصر الإسكندرية بكتائبه ونصَّب أسقفًا آريوسيًا مكان أثناسيوس، بعد أن التجأ إلى صحراء مصر، حيث خبأه أصدقاؤه المتوحدون. وأصبحت الإمبراطورية آريوسية رسميًا، كما عُزل الأساقفة النيقاويين واضطُهد رعاياهم. وكان أثناسيوس يُطارد ولا يُقبض عليه، فضاعف من المقالات الهجائية والمؤلفات التعليمية.
وفي 361، خلف قسطنطيوس يوليانوس الجاحد. فرجع أثناسيوس إلى مدينته بعد أن تساهل معه الإمبراطور، إذ كان العاهل يعلن أنه لا يود التدخل في الخلافات التعليمية. وكانت سياسة يوليانوس تقضي بأن يدع الذئاب تفترس بعضها بعضًا. ولكن الحزم الذي أمسك به أثناسيوس زمام الوضع ما لبث أن غطى على الإمبراطور، فَنُفي الأسقف للمرة الرابعة. ولكثرة ما أصبح ذلك الأمر اعتياديًا، كان ينسى أحيانًا أن يختبئ؛ أولم يكن واثقًا من حماية شعبه له؟ وفي ذات ليلة، كان يصعد مجرى النيل في زورق، حين أخذ شرطيّو يوليانوس يطاردونه. فقال أثناسيوس للجدافين: دعوني أتصرف
، وبإيعاز منه أداروا زورقهم على نفسه، واقتربوا من مركب الشرطة. فسأله الشرطيون: هل رأيت أثناسيوس؟
فأجاب: أعتقد أني رأيته.
– وهل هو بعيدٌ من هنا؟
– لا، إنه قريب جدًا. جدفوا بقوة!
وبينما كان المركب يبتعد، أكمل زورق أثناسيوس سيره بهدوء.
ولما توفى يوليانوس في 363، عاد أثناسيوس وغادر مرَّة أُخرى عند وصول فالنس سنة 365. وكان هذا نفيه الأخير والأقصر؛ فبعد مرور أربع أشهر، وافق الإمبراطور على عودته، ولا نعرف السبب الذي دفعه إلى ذلك، وكان قد بقي من عمر أثناسيوس سبع سنوات، عرف أثنائها شيئًا من الهدوء. وفي تلك الحقبة، كتب حياة القديس أنطونيوس. وكان الناس يستشيرونه من أقصى الإمبراطورية إلى أقصاها. وحين توفيّ، في الثاني من مايو 373، لم يكن انتصار الإيمان القويم شاملًا، وكان لابد من انتظار مجمع القسطنطينية، في 381، ليتحقق هذا الأمر. ولكن البديل كان مؤمَّنًا؛ فمنذ سنتين أو ثلاث سنوات، كان القديس باسيليوس والقديس غريغوريوس النيصي والقديس غريغوريوس النزينزي قد أصبحوا أساقفة. أما القديس أمبروسيوس والقديس أوغسطينوس والقديس يوحنا ذهبي الفم، فقد أصبحوا أساقفة بعد ذلك بقليل.
ركن الإيمان
تلك كانت سيرة أثناسيوس الذي حمل بذراعيه، مدة نصف قرن تقريبًا، إيمان العالم المسيحي كلِّه. قليلون هم من أثاروا في حياتهم هذا القدر من الكراهية وهذا القدر من الحب. لقد كان أثناسيوس فعلًا “آية معرّضة للرفض”، ولا شك في أن قوة شخصيته، وهو لم يكن يتردد في استخدام القساوة في الدفاع عن الإيمان القويم، لم تساعد بعض أخصامه على العودة إلى الإيمان الصحيح. ولكن لابد من الاعتراف بالثقة والعاطفة اللتين أحاطه الشعب بهما دائمًا، فكلما كانت السنون تمر وتجلب معها سلسلة من المحن، كان مسيحيو مصر يشعرون بأنهم يزدادون تضامنًا مع أسقفهم ويرون فيه “ركن الإيمان” الذي يمكن الاستناد إليه في أثناء الاضطرابات.
وحين كان السلام يعود، كان أثناسيوس المرشد الروحي الذي يلجأ الناس إليه ليتقدموا في طريق الإنجيل. وبين المتوحدين والأسقف خصوصًا، نشأت صداقة لم تفتر. فقد شعر أثناسيوس دائمًا بأنه أخٌ لأولئك الرجال ذوي الحياة القاسية والإيمان العميق، ولقد شجع عددًا من الدعوات الرهبانية، لا لأنه كان يعتبر الحياة التوحدية مثالًا في حد ذاتها. والدليل على ذلك الرسالة التي وجهها إلى دارقنطيوس، وهو متوحّد هرب يوم انتخابه أسقفًا:
قبل انتخابك، كنت تحيا لنفسك، وبعده، عليك أن تحيا للآخرين.
قبل أُسقفيّتك، لم يكن أحد يعرفك، والآن ينتظر الشعب أن تُحضر له غذاءً وتعليمًا موافقًا لما جاء في الكتب.
إنهم جائعون في انتظارهم، وأنت لا تغذي إلا نفسك!
حين يأتي ربنا يسوع المسيح ونمثل أمامه، كيف تدافع عن المؤمنين الذين يضيِّق الجوع عليهم؟(أثناسيوس الرسولي، الرسالة إلى دارقنطيوس)
كان أثناسيوس يرى في الحياة التوحدية خميرة لابد منها لتنمية الإنجيل في مجمل كنيسته.
لم تبلغ مؤلفاته الشأن الذي بلغته مؤلفات أوريجانوس أو أوغسطينوس. فبالمقارنة معهما، كانت كتاباته اللاهوتية فقيرة. ذلك بأن أثناسيوس لم يكن يهتم بالأبحاث النظرية في حد ذاتها، فهو راع أكثر منه لاهوتي. وإيمانه حي وواقعي. وإذا كتب، فلكي يحافظ على الحدس الأساسي الذي يوجِّه، في نظره، الحياة المسيحية كلِّها؛ إن لم يكن الابن إلهًا فلا يمكنه أن يُخلِّص الإنسان. والسر الذي في قلب الإيمان المسيحي هو ناسوت الكلمة. وردًا على الآريوسيين، ثمّ على أولئك الذين أنكروا ألوهة الروح القدس، شدَّد على إظهار ما لم يكف الكتاب المقدس -مُلهمه الأكبر- والتقليد عن تأكيده، وهو أن الابن والروح هما الله، تمامًا كما و الآب. وعَبر تعاقب النجاح والإخفاق والاستدعاء والنفي، التي قد تُنهك مصارعًا أقل جرأة، وقف أثناسيوس حياته كلها لنشر ذلك الإيمان.
أسقف مُناضل، بقلم إليان جوندينيت. فصل من كتابتاريخ الكنيسة المفصل، المجلد الأول، نقله إلى العربية الأبوان: أنطوان الغزال اليسوعي، وصبحي حموي اليسوعي، دار المشرق، ٢٠٠٢.
