أسبوع الصلاة من أجل الوحدة
اعتاد مجلس كنائس الشرق الأوسط إطلاق أسبوع الصلاة من أجل الوحدة، الذي يجمع الكنائس بطوائفها المتعددة كل عام للصلاة بغية الوحدة والسلام. وهذا العام، افتتحت الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية فعاليات الأسبوع في ٣ مارس ٢٠٢٢ بالصلاة التي انتهت بكسر الخبز أو القربان، وهو تقليد اتبعه مجلس الكنائس منذ عشر سنوات؛ وهو لا يعد تناولًا بالمعنى المتعارف عليه، بل وجبة أغابي “محبة” لتعزيز الشركة. كما ترأس البابا تواضروس الثاني قداس أسبوع الصلاة يوم ٨ مارس ٢٠٢٢ مستضيفًا ممثلين عن جميع الطوائف، وقال إن هذه الفعالية تقوم على الرجاء المشترك في تحقيق الوحدة الكاملة للكنائس.
صخب وغضب حول كسر الخبز
انتشر خلال هذا الأسبوع مقطع فيديوي لكسر الخبز، مما أثار حفيظة الكثير من المحافظين، وبالأخص من يطلقون على أنفسهم “حماة الإيمان.” فالاشتراك في وجبة أغابي (أي وجبة محبة) وتناول القربان بعد الصلاة يعد من الكبائر بالنسبة لهم. وشهد موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك هجوما حادًا على البابا تواضروس؛ لأن هذا التقليد تأسس منذ عشر سنوات، أي تزامنًا مع جلوسه على كرسي مار مرقس. كما نال الأنبا دانيال أسقف المعادي وسكرتير مجمع الأساقفة، قسطا من الهجوم أيضا لأنه كان حاضرا ومشاركا في كسر الخبز كممثل عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. خاصة بعد أن قال أسقف المعادي في لقاء سابق، إن الحِوار مع الآخر يتطلب بعض التنازلات للوصول لأرضية مشتركة. وكأول أسقف يرسم شماسات في إيبارشية بمصر، بالطبع، لا يحظى أسقف المعادي بقبول من يلقبون ذواتهم بـ”حماة اﻹيمان”.
الأنبا بولا وسؤال “التوريطة”
أما الأنبا بولا أسقف طنطا، فكرجل لا يحب التساهل في العقيدة، لم يتوان عن إبداء رأيه حين أرسل له أحد الحاضرين من الشعب سؤالا -وصفه الأسقف بالتوريطة- حول رأيه في مقطع كسر القربان. ليرد الأنبا بولا، إن الأنبا دانيال تورط في الأمر، ولا ينبغي أن نلومه لأنه تورط بشكل خبيث. ثم عاد ولامه مجددًا بشكل غير مباشر قائلا إنه لو كان حاضرًا بدلًا من الأنبا دانيال، لما قبل الأمر مطلقا.
واستطرد قائلا إن استخدام القربانة مقصود لأنها توحي باشتراكنا في الافخارستيا، وهذا غير مقبول. فكان من الممكن أن يأكلوا أي شيء آخر. ثم تفضل نيافته بإعطاء مقترحات لبعض الوجبات مثل الخبز العادي، والملح، والدقة؛ مشيرًا إلى القصد الخبيث من وراء اختيار القربانة تحديدًا.
تبدو إشارة الأنبا بولا إلى تورط الأنبا دانيال في الأمر غير مفهومة؛ فالتقليد قائم منذ عشر سنوات. هل سكرتير المجمع لا يعلم بالأمر؟ أم أن المقصود بتلك العبارة -أعني التورط- هو إلقاء اللوم على عاتق البطريرك الذي أرسله؟
فيم تشترك الكنائس؟
لم تتفق الكنائس حول تعريف ماهية الافخارستيا، ولا الأسرار. فهناك من ركز على الطابع العقلي للأسرار (كالكنيسة الإنجيلية)، وهناك من ركز على سرائريتها (كالكنيسة الأرثوذكسية). لكن، لا خلاف على اشتراك جميع المؤمنين في الذبيحة الوحيدة والإيمان بالمسيح مصلوبا. فلماذا لا نضع هذه الحقيقة نصب الأعين، بدلًا من أن نرى الحياة من ثقب أبرة؟ وهل اجتماع المؤمنين للصلاة وتناول القربان يستلزم ابتكار نظريات المؤامرة تلك؟
بشائر الإصلاح
منذ بداية عهد البابا تواضروس، سعت الكنيسة مسعى جديد نحو الوحدة والإصلاح والانفتاح على الآخر. وربما يبدو ذلك الصخب الكنسي أمرًا مقلقًا بالنسبة للبعض. لكن، يمكننا أن نراه من منظور آخر؛ كظاهرة صحية، بل وبداية مبشرة للتغيير والاستنارة. فالغضب والمقاومة هما ما تفعله عقولنا بالطبيعة لأن التغيير ليس سهلاً؛ بل مؤلم كالمخاض. لذلك، لا يميل البشر إلى التغيير بطبيعتهم ويفضلون الاستقرار.
لا يمكننا أن نتوقع أن يحدث التغيير في عصرنا هذا بشكل حاسم؛ لكن، من المؤكد أن الأجيال القادمة ستحصد ما يزرعه الآن من يدفعون ضريبة الإصلاح. وربما، سيسجل التاريخ أسمائهم بحروف من نور إن آمننا بهم ومنحناهم الدعم.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟