دعوة لجميع المسيحيين لاتخاذ خطوة حاسمة نحو الوحدة، حول تاريخ مشترك لعيد القيامة.
الكنيسة الكاثوليكية على استعداد لقبول التاريخ الذي يريده الجميع تاريخًا للوحدة.(البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، في ختام أسبوع الصلاة من أجل الوحدة)
أسبوع الصلاة من أجل الوحدة المسيحية هو احتفال مسيحي دولي مسكوني يتم الاحتفال به سنويًا في الفترة من ١٨ إلى ٢٥ يناير في نصف الكرة الشمالي، ويماثل فترة عيد العنصرة في نصف الكرة الجنوبي. في كل عام، يُطلب من الشركاء المسكونيين في منطقة مختلفة إعداد المواد والصلوات والتأملات لأسبوع الصلاة من أجل الوحدة [1].
في هذا العام، ٢٠٢٥، يتم الإعداد من قبل الجماعة الرهبانية في دير بوزي [Bose] المسكوني في شمال إيطاليا. وقد اختار رهبان بوزي النص الكتابي التوجيهي لأسبوع الصلاة من إنجيل يوحنا، الإصحاح ١١، الآيات من ١٧ إلى ٢٧، والتي تروي الحوار بين يسوع ومرثا عندما زار المسيح بيت مريم ومرثا في بيت عنيا بعد وفاة أخيهما لعازر [2]، ويأخذ موضوع الأسبوع الجملة المحوريّة: أتؤمن بهذا؟
[3] التي قالها يسوع لمرثا، لكن بأبعادٍ جديدة.
أيضًا يصادف العام ٢٠٢٥، الذكرى السنوية الـ ١٧٠٠ للمجمع المسكوني المسيحي الأول، الذي انعقد في نيقية، بالقرب من القسطنطينية في عام ٣٢٥ م. ويوفر هذا الاحتفال فرصة فريدة للتأمل في الإيمان المشترك للمسيحيين، كما هو منصوص عليه في قانون الإيمان النيقاوي، الذي تؤمن به كافة الكنائس المسيحية [4].
إن أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين لهذا العام يقدم دعوة للاستفادة من التراث المشترك، والتعمق أكثر في الإيمان الذي يوحد الجميع. يتضمن الأسبوع خدمة صلاة افتتاحية مسكونية، وتأملات كتابية، وصلوات لمدة ثماني أيام، وعناصر أخرى للعبادة.[5](مجلس الكنائس العالمي، أسبوع الصلاة من أجل الوحدة المسيحية)
في اختتام أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، ترأس قداسة البابا فرنسيس، بابا الڤاتيكان، مساء السبت، صلاة الغروب في بازيليك القديس بولس خارج الأسوار في روما القديمة.
تخلل الاحتفال عظة للأب الأقدس، استهلها بالقول: وصل يسوع إلى بيت صديقتيه، مرثا ومريم، عندما كان أخوهما لعازر قد مات منذ أربع أيام. كان يبدو أن كل أمل قد ضاع، لدرجة أن كلمات مرثا الأولى تعبر عن ألمها مع الندم لأن يسوع تأخر في الوصول:
يا ربّ، لَو كُنتَ ههنا لَما ماتَ أَخي
[6]. ولكن في الوقت عينه، يُشعل وصول يسوع في قلب مرثا؛ نور الرجاء، ويقودها إلى إعلان إيمان: ولكِنِّي ما زِلتُ أَعلَمُ أَنَّ كُلَّ ما تَسأَلُ الله، فاللهُ يُعطيكَ إِيَّاه
[7]. ويسوع في الواقع يعلن لها القيامة من الموت ليس فقط كحدث سيتمُّ في نهاية الأزمنة، بل كشيء يحدث في الحاضر، لأنه هو نفسه القيامة والحياة. ومن ثم يوجه إليها سؤالًا: أَتُؤمِنينَ بِهذا؟
[8].
لنتوقف عند هذا السؤال:أَتُؤمِنينَ بِهذا؟
إنه سؤال قصير، لكنه مُلزِم.(البابا فرنسيس، ختام أسبوع الصلاة من أجل الوحدة)
وتابع البابا فرانسيس شارحًا إن هذا المقطع الإنجيلي يشكّل موضوع أسبوع الصلاة لهذا العام، ويعلمنا أنه حتى في أوقات اليأس العميق، نحن لسنا وحدنا ويمكننا أن نستمر في الرجاء. لأن يسوع يمنح الحياة، حتى عندما يبدو أن كل رجاء قد تلاشى. بعد خسارة مؤلمة، مرض، خيبة أمل مريرة، خيانة تعرضنا لها، أو خبرات صعبة أخرى، قد يتزعزع الرجاء؛ ولكن إذا كان كل واحد قد عاش لحظات من اليأس أو التقى بأشخاص فقدوا الرجاء، فإن الإنجيل يقول لنا إنّه مع يسوع، يولد الرجاء مجدّدًا على الدوام، لأنه من رماد الموت، هو يُنهضنا على الدوام، ويمنحنا القوة لكي نستأنف المسيرة ونبدأ من جديد.
أيها الإخوة والأخوات، هذا أمر مهم أيضًا لحياة الجماعات المسيحية، وكنائسنا، وعلاقاتنا المسكونية. أحيانًا نغرق في التعب، ونشعر بالإحباط من نتائج التزامنا، ويبدو لنا أيضًا أن الحوار والتعاون بيننا هما بلا رجاء، وكأنهما محكومان بالموت، وهذا كله يجعلنا نختبر القلق عينه الذي اختبرته مرثا؛ لكن الرب يأتي. فهل نؤمن بهذا؟ هل نؤمن أنه هو القيامة والحياة؟ وأنه يجمع جهودنا ويمنحنا دائمًا النعمة لكي نستأنف المسيرة معًا؟(البابا فرنسيس، ختام أسبوع الصلاة من أجل الوحدة)
وتابع الأب الأقدس القول: إنَّ رسالة الرجاء هذه هي محور اليوبيل الذي بدأناه. لقد كان الرسول بولس، الذي نحتفل اليوم بذكرى تحوّله إلى المسيح، يقول لمسيحيي روما:
إنَّ الرَّجاءَ لا يُخَيِّبُ صاحِبَه،َ لأَنَّ مَحَبَّةَ اللّه أُفيضَت في قُلوبِنا بِالرُّوحَ القُدُسِ الَّذي وُهِبَ لَنا.
[9] جميعنا قد نلنا الروح نفسه، وهذا هو أساس مسيرتنا المسكونية.
وسنة “يوبيل الرجاء” هذه، التي تحتفل بها الكنيسة الكاثوليكية، تتزامن مع ذكرى ذات أهمية كبيرة لجميع المسيحيين: ذكرى مرور ١٧٠٠ عام على أول مجمع مسكوني كبير؛ مجمع نيقية.
لقد التزم هذا المجمع بالحفاظ على وحدة الكنيسة في مرحلة صعبة جدًا، وأقرّ الآباء المجتمعون بالإجماع قانون الإيمان الذي ما زال العديد من المسيحيين يتلونه كل يوم أحد خلال القداس الإلهي. إنها صيغة إيمان مشتركة تتجاوز كل الانقسامات التي جرحت جسد المسيح عبر القرون.
لذلك، فإن ذكرى مجمع نيقية تمثل سنة نعمة وفرصة لجميع المسيحيين الذين يتلون قانون الإيمان نفسه ويؤمنون بالإله عينه: لنُعِد اكتشاف جذور الإيمان المشتركة، ولنحافظ على الوحدة!(البابا فرنسيس، ختام أسبوع الصلاة من أجل الوحدة)
وأضاف بابا الڤاتيكان قائلًا: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، هذا الإيمان الذي نتشاركه هو عطية ثمينة، ولكنه أيضًا تحدٍ. والذكرى، في الواقع، لا يجب أن نحتفل بها كـ “ذاكرة تاريخية” وحسب، وإنما أيضًا كالتزام بالشهادة للشَرِكة المتنامية بيننا. علينا أن نحرص على ألا نضيِّع هذه الفرصة، وأن نبني روابط ثابتة، ونعزز الصداقة المتبادلة، ونكون ناسجي شَرِكة وأخوَّة.
في هذا الأسبوع المخصص للصلاة من أجل وحدة المسيحيين، يمكننا أن نعيش ذكرى مجمع نيقية كدعوة للمثابرة في المسيرة نحو الوحدة.
وقد شاءت العناية الإلهية أن يتزامن الاحتفال بعيد القيامة هذا العام في اليوم عينه بحسب التقويمين الغريغوري واليولياني، خلال هذه الذكرى المسكونية تحديدًا.
وبالتالي، أجدد ندائي بأن تُستخدم هذه المصادفة كدعوة لجميع المسيحيين لاتخاذ خطوة حاسمة نحو الوحدة، حول تاريخ مشترك لعيد القيامة. والكنيسة الكاثوليكية على استعداد لقبول التاريخ الذي يريده الجميع تاريخًا للوحدة.(البابا فرنسيس، ختام أسبوع الصلاة من أجل الوحدة)
ثم أعرب الأب الأقدس عن امتنانه للميتروبوليت؛ بوليكاربوس، ممثل البطريركية المسكوني، ولرئيس الأساقفة؛ إيان إرنست، ممثل الشَرِكة الإنچليكانية، وللممثلين عن الكنائس الأخرى المشاركين في ذبيحة التسبيح المسائية هذه.
إن الصلاة المشتركة هي أمر مهم، وحضوركم هنا هذا المساء هو مصدر فرح. كما أُحيي الطلاب الذين تعضدهم اللجنة الكاثوليكية للتعاون الثقافي مع الكنائس الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية التابعة لدائرة تعزيز وحدة المسيحيين، والمشاركين في زيارة الدراسة لمعهد بوزي المسكوني التابع لمجلس الكنائس العالمي، والمجموعات المسكونية والحجاج الآخرين الذين أتوا إلى روما لهذا الاحتفال.
ليجد كل واحد منا، على مثال القديس بولس، رجاءه في ابن الله المتجسد، وليقدمه للآخرين، حيثما تلاشى الرجاء، وفُقدت الأرواح، أو تغلبت الشدائد على القلوب. إن الرجاء ممكن دائمًا في يسوع. فهو يعضد أيضًا رجاء مسيرتنا المشتركة نحوه. ويعود مرة أخرى السؤال عينه الذي طُرح على مرثا ويُوجّه إلينا في هذه الليلة:أَتُؤمِنينَ بِهذا؟[10]. هل نؤمن بالشَرِكة بيننا؟(البابا فرنسيس، ختام أسبوع الصلاة من أجل الوحدة)
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، هذا هو الوقت لكي نؤكِّد إيماننا المشترك بالله الواحد، ولكي نجد درب الوحدة في المسيح يسوع. وبينما ننتظر مجيء الرب في المجد ليدين الأحياء والأموات، لا نتعبنَّ أبدًا من الشهادة، أمام جميع الشعوب، لابن الله الوحيد، مصدر كل رجائنا
[11].