أود التنويه في هذا المقال أحبائي أنه مصطلحات الامتزاج والاختلاط للحديث عن الاتحاد اﻷقنومي بين لاهوت وناسوت المسيح، كان آباء الكنيسة شرقًا وغربًا يستخدمونها بحرية وبدون قيد قبل الهرطقة ال، واتهام نسطوريوس آباء الأرثوذكسية عامةً، وآباء الإسكندرية خاصةً ممثلين في ق. أنهم يمزجون أوسيا (جوهر) الله ويحولونه إلى أوسيا (جوهر) الإنسان، والعكس صحيح في المسيح، وكذلك أيضًا بعد الهرطقة ال والاتهامات بال (أي ابتلاع طبيعة الناسوت في طبيعة اللاهوت في المسيح الواحد)، فكان لزامًا على آباء الكنيسة تقنين وتحديد المصطلحات المستخدمة في ال منعًا للسجس والارتباك والقلاقل.

ولكن لا تنفي هذه الحقائق الهامة استخدام الآباء لمصطلحات الاختلاط والامتزاج بين اللاهوت والناسوت في المسيح قبلًا، حيث انطلق هؤلاء الآباء من خلفية فلسفية أرسطية.

حيث يتحدث الباحث في الخريستولوجي إيان ر. تورانس Iain R. Torrance عن هذه الخلفية كالتالي:

يقول : بما أن بعض الأشياء لها وجود كامن، والبعض الآخر وجود فعلي، يمكن لمكونات الخليط أن توجد أو لا توجد بنوع ما، فمن جهة الوجود الفعلي لا توجد، إذ أن الناتج مختلف عنها، ولكن من جهة الوجود الكامن توجد، لأن كلاً منهما لازال موجودًا كما كان قبل الخلط ولم يفنى

(De Gen. Et Corr., 327 b 22-26.)

وهكذا ترى أن مخلوط أرسطو يشمل نوعًا من الشد لأجل الهوية، فالمكونات التي قد اتحدت بالحقيقة إلى شيء متماثل ومختلف، ولكنها تبقى محفوظة بطريقة ما.

(Cf. Joachim, Chemical Composition, op. cit p. 75 n. 2, Commenting on 328 b 22.)

ويقول أرسطو أيضًا في نفس السياق:

لكن خلط المخلوطات المختلفة هو اتحاد

(أرسطو)

ويقول أيضًا:

لو لم تكن المكونات مصانة بشكل ما في المخلوط، فسوف نحصل ببساطة على فناء المكونات، وتكوين جديد للناتج المتماثل

(أرسطو)

وملخص كلام أرسطو هو ما يلي:

١.مخلوط μιχθέν أرسطو متماثل الأجزاء όμοιομερές.

٢.هناك في الاختلاط ما يُسمى”الشد لأجل الهوية”، حيث تبقى المكونات مصانة، لكنها مختلفة وموحدة.

٣.هناك تفكير بأن المخلوط هو نفسه “توازن” أو حالة وسط μέσον.”
(تورانس، ر. أيان، الخريستولوجي بعد مجمع ، ص١٢٢، ١٢٣).

ثم نرى استخدام الآباء لتعبيرات الامتزاج والاختلاط لوصف الاتحاد الأقنومي بين اللاهوت والناسوت في المسيح كالتالي:

يقول ق. غريغوريوس اللاهوتي مستخدمًا تعبير الخليط عن الاتحاد بين الله والجسد التالي:

وهكذا فالإنسان الكامل المجرب في كل شيء مثلنا ما خلا الخطيئة على حد قولهم [أي الأبوليناريين]، ولكنه الخليط من الله والجسد وأي شيء أكمل من ذلك؟

(القديس غريغوريوس اللاهوتي، الرسالة الثانية إلى كليدونيوس)

كما يستخدم ق. تعبير الامتزاج لوصف الاتحاد بين اللاهوت والناسوت في المسيح، كما يؤكد على أن اللاهوت نزل في جسد بشري قابل للفساد، يقصد بالتأكيد الفساد الطبيعي أي الأهواء البشرية غير الملومة كالجوع والعطش والألم والقابلية للموت كالتالي:

فإن الذي أنار الطبيعة المظلمة وأرسل شعاع ألوهيته على مركبنا، أعني النفس والجسد، أشرك العنصر البشري كله في نوره الذاتي وحوله بهذا الامتزاج إلى ما هو عليه، وكما أن الألوهية لم تفسد بنزولها في جسد قابل للفساد، كذلك لم تتغير بشفائها ما هو متغير في نفسنا

(القديس غريغوريوس النيسي، الرسالة رقم ٣ إلى أوسطاثيا وأمبروسيا وبازليسا الفضليات).

كما استخدم ق. أوغسطينوس في الغرب تعبير امتزاج بحرية تامة عن اتحاد اللاهوت بالناسوت في المسيح كالتالي:

فسار المسيح إلى الموت الجسدي، ولكنه لم يفارقها [أي نفسه] بدون إرادته، بل لأنه أراد ذلك، وعندما أراد ذلك، وكما أراد ذلك. لأن كلمة الله امتزج هكذا [مع الجسد] ليصير واحدًا معه

(القديس أوغسطينوس، الثالوث ٤: ١٣: ١٦)

ومن هنا نرى أحبائي استعمال الآباء شرقًا وغربًا لتعبيرات الامتزاج والاختلاط عن الاتحاد اﻷقنومي بين اللاهوت والناسوت في المسيح بكل حرية قبل الهرطقات النسطورية و الأوطاخية والمونوفيزتية، بدون الانتقاص من الطبيعتين الإلهية والإنسانية في المسيح.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

أنطون جرجس
بكالوريوس اللاهوت اﻷرثوذكسي في   [ + مقالات ]

صدر للكاتب:
كتاب: عظات القديس غريغوريوس النيسي على سفر الجامعة
ترجمة كتاب: "الثالوث"، للقديس أوغسطينوس أسقف هيبو
ترجمة كتاب: "ضد "، للقديس غريغوريوس النيسي