نتحدث هنا عن الملفات الرئيسية التي على مجمع الكنيسة فحصها وحسمها:
ملاحظة مفتاحية
تمر الكنيسة بلحظة ضاغطة مرتبكة، لها مقدماتها وتراكماتها التاريخية، داخلها وخارجها وحولها، التي أسهمت في احتدامها. وهي كيان راسخ تقليدي له رسالة روحية حمّلها لها مؤسسها، تحرص عليها وتسعى لإنفاذها، بحرص وأمانة شديدين، انعكسا على منهجها في التعاطي مع مجتمعها الذي ترعاه، ومع متغيراته التي ينتجها حَراك الزمن وتطوراته وصراعاته.
وهي مجتمع عماده الإنسان لذا فهو يمر ـ ككائن حي ـ بقمم وقيعان، الأمر الذي يفرض على مدبريها الانتباه لدورها كمنارة هادية بما تملك من أدوات، لعل في مقدمتها إرشاد الروح القدس، والحرص على تأصيل وحدانية القلب (الفكر) التي للمحبة، كما تردد يوميًا في صلواتها. وهو الأمر الذي أعطى الكنيسة الأولى أن تعلن بجسارة وصدق أن قراراتها لم تأت بإرادة منفردة، بل بشركة وإرشاد الروح القدس لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ…
، والسؤال هل نملك جسارة القول بهذا، الآن؟ فكثير من متاعب الكنيسة وانشقاقاتها جاءت من تزييف هذه الشركة.
كما أنها كيان استقرت تخومه (حدوده) الإيمانية، ويلتزم مدبروه القائمين على رعايته بنصيحة سليمان الحكيم لاَ تَنْقُلِ التُّخْمَ الْقَدِيمَ الَّذِي وَضَعَهُ آبَاؤُكَ
، بغير أن يتخطى الأمر حدود الإيمان ومن ثم العقيدة، وإلا تحول الكيان إلى عبء وقيد على وعي الإنسان بإيمانه.
التُّخُم حسب معاجم اللغة هي المعالم التي يُهتَدَى بها في الطريق، وقد وضعت الكنيسة لمؤمنيها معالم يهتدون بها في وإلى طريق الإيمان في ترجمة أمينة لما أسسه رب المجد وأعلنه تلاميذه ورسله، في صلواتها الليتورجية (القداس والتسبحة). وكان هذا منهج القديس البابا كيرلس في ردوده المقتضبة على سائليه في الأمور الخلافية، في شرح الإيمان أو تدبير الكنيسة. بأن يشير إليهم بالعودة إلى جملة أو فقرة بصلوات الكنيسة الليتورجية تجيب عليهم وترشدهم.
أرى للخروج من مأزق اللحظة أن يبادر مجمع الكنيسة بمناقشة وحسم الملفات التالية:
ـ مأسسة الكنيسة إداريًا.
ـ عودة دور المدنيين (الأراخنة) المشارك ـ وليس الاستشاري ـ في إدارة الكنيسة.
ـ ضبط منظومة الرهبنة الديرية.
ـ تأسيس منظومة الرهبنة الخادمة.
ـ ترتيب مرحلة انتقالية بين وجود الراهب في الدير وبين توليه مسؤولية الأسقفية والخدمة في المجتمع خارجه.
ـ مراجعة وفحص وضبط لائحة المجمع المقدس فيما يتعلق بالنقاط الأتية:
• تحديد المراكز القانونية فيها وتحديد وتوصيف المهام والمسؤوليات والالتزامات والعلاقات البينية.
• بيان آليات العمل داخل المجمع.
• ضبط العضوية اكتسابًا وانتهاءً، ومناقشة قضية تقاعد الأسقف ـ إداريًا ـ في ضوء الصلاحيات الذهنية والعمرية، حماية للشخص والخدمة والكنيسة. مع توفير مقومات حياة لائقة لما بعد التقاعد -في أحد الأديرة أو في بناية في حرم الكاتدرائية تحفظ له رتبته وكرامته وحياته برعاية لائقة.
وجدير بالبحث معرفة تجارِب الكنائس التقليدية التي سبقتنا في هذا الأمر. وهذا يتطلب تصويب ما استقر في العرف السائد بأن الأسقف تزوج الإيبارشية، الذي يستند إلى قول أحادي غير متكرر، فعريس الإيبارشيات مجتمعة (الكنيسة) هو الرب يسوع المسيح حسب الكتاب والتقليد الصحيح.
ـ وضع (دستور إيمان) يعكف على إعداده نخبة من الأكاديميين الكنسيين الثقاة، يضم كل العقائد الإيمانية التي تعتمدها الكنيسة، تأسيسًا على الكتاب المقدس وقوانين المجامع المسكونية والتقليد (المحقق)، بصياغات دقيقة ومعاصرة.
ـ وضع دستور طقسي، يراجع وينقي الطقوس الكنسية في دراسة فاحصة، تنقيه مما تسلل إليها في فترات الضعف.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
صدر للكاتب:
كتاب: العلمانيون والكنيسة: صراعات وتحالفات ٢٠٠٩
كتاب: قراءة في واقعنا الكنسي ٢٠١٥
كتاب: الكنيسة.. صراع أم مخاض ميلاد ٢٠١٨