تلقيت بشكل مكثف سؤالًا متكررًا، يحمل بعض ممن يطرحه رغبة في التفسير وبعضه ينطلق من صدمة (فكرية) وبعضه ينطق بالتهكم والتسفيه:
ما الذي تقصده من طرحك على الكنيسة وضع دستور إيمان يضم عقائد الكنيسة؟ ونحن لدينا “قانون الإيمان” الذي يحفظه الطفل في مدارس الأحد.
كانت إجابتي:
الفارق بين دستور الإيمان الكنسي الذي نترجاه وبين قانون الإيمان، إنه تفصيل واضح مدقق لما أجمله قانون الإيمان. بحيث يضم العقائد الأساسية؛ بدءًا من عقيدة الثالوث والتجسد والفداء وموت الصليب والقيامة والصعود وإرسالية الروح القدس وصولًا إلى أسرار الكنيسة، والقائمة ممتدة بامتداد خريطة الإيمان الذي تسلمناه بالتواتر عبر الأجيال.
ويصير هذا الدستور المرجع الذي نحتكم إليه في كل قضايانا الإيمانية، بشكل مدقق، وهو عمل مضني ويحتاج إلى تعاون فكري ولاهوتي بين المتخصصين في كل مكونات الكنيسة، وتحت متابعة ومراجعة من الكنيسة.
ويُسند للجان نوعية متخصصة مشهود لها بالوعي الأرثوذكسي والتقوى والأمانة، ومن إنعامات ربنا علينا توفر المراجع الآبائية بلغاتها الأصلية وعبر ترجمات لمؤسسات قبطية أمينة، ويمكن توفيرها من المكتبات العريقة والأكاديميات ذات الصلة.
وأضيف هنا أنه لدينا إسهامات قدمها العديد من الباحثين في إصدارات رصينة، من باحثين أكاديميين، في مؤسستين بارزتين يعملان في صمت وانضباط، مركز دراسات الآباء (مؤسسة القديس أنطونيوس للدراسات الآبائية)، ومؤسسة باناريون للتراث الآبائي، وكلاهما قدم للمكتبة القبطية ترجمات عربية عن اليونانية لكتابات ورسائل الآباء وعلى رأسهم القديس أثناسيوس الرسولي والقديس كيرلس الكبير والقديس يوحنا ذهبي الفم، وغيرهم.
فضلاء عن إنتاج باحثين رهبان؛ أذكر منهم على سبيل المثال نموذجان من دير الأنبا مقار:
الراهب باسيليوس المقاري الذي قدم للمكتبة، ضمن عديد من الإصدارات، ثلاث كتب يؤسسون لما طرحته:
* التدبير الإلهي في تأسيس الكنيسة ١٩٩٧.
* السلطان الروحي في الكنيسة ١٩٩٨.
* التدبير الروحي في تدبير الكنيسة ٢٠٠١.
وكنت قد طرحت في ذات السياق، حاجة الكنيسة لوضع (دستور طقسي) يضم الطقوس الأرثوذكسية القبطية الأصيلة بعد تنقيتها من الإضافات التي تسللت إليها في عصور الضعف، وهو ما أشار إليه قداسة البابا شنودة الثالث في بداية حبريته.
ولست بحاجة إلى القول بأن الاقتراحين مطروحين للبحث وإضافة ما يدعمهما من مراجع ودراسات وإسهامات أخرى لمصلحة الأجيال الواعدة والقادمة التي تحاصرها سيولة المعلومات على شبكات العالم الافتراضي الذي يحمل بجوار المراجع الآبائية المعتمدة كنسيًا، سيل من التعاليم المخالفة بشكل يصعب عليهم معرفة الغث من الثمين.
ولدينا العديد من المراجع التي تؤسس لهذا الأمر أذكر منهم على سبيل المثال أعمال الراهب القس أثناسيوس المقاري الذي قدم عشرات المراجع في هذا الصدد عبر العديد من السلاسل:
* سلسلة مصادر طقوس الكنيسة.
* سلسلة مقدمات في طقوس الكنيسة.
* سلسلة طقوس أسرار وصلوات الكنيسة.
* سلسلة طقوس أصوام وأعياد الكنيسة.
وتقع السلاسل الأربعة في نحو ٤١ كتاب.
أقدم اقتراحي هذا للجنة الدائمة في المجمع المقدس المزمع انعقادها قريبًا. وأتمنى ألا يُختطف طرحي لصخب الجدل الذي صار خبز يوم المتربصين عن غير علم وعن غير وعي.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
صدر للكاتب:
كتاب: العلمانيون والكنيسة: صراعات وتحالفات ٢٠٠٩
كتاب: قراءة في واقعنا الكنسي ٢٠١٥
كتاب: الكنيسة.. صراع أم مخاض ميلاد ٢٠١٨
نحاول تخمين اهتماماتك… ربما يهمك أن تقرأ أيضا:
- أزمة السيمينار وصراع الشر ضد الكنيسة سيظل الفكر الإنساني السليم مصلوبًا أمام استيعاب منهج الرب. منهج الشيطان: زرع الزوان. ومنهجنا نحن الخدام: سرعة اقتلاع الزوان. ومنهج الله: يصبر حتى وقت الحصاد. “صعب عليك أن ترفس مناخس”.. الرب قال لشاول القاتل: “صعب عليك”، ولكن ليس “مستحيل” ويضيف لأنها “ساعتكم وسلطان الظلمة”. الرب سمح للشرير أن يضل ولو أمكن المختارين أيضًا (يهوذا، أنبا......