المشهد المسيحي الفيسبوكاوي يدعو للحسرة والحزن، ويخرج بآلية الفيسبوك من كونها وسيلة لتطارح وتبادل الأفكار البناءة إلى حلبة صراع عنفية تخلو من أى “كلمة منفعة”. وتفتقر للرقي والسمو الفكري، والنقد الموضوعي غاب عنها لتحتل مكانه أسلحة التكفير (الهرطقة) والتخوين والمؤامرة، والبحث في الضمائر والنوايا.
هالني فيه احتلال أنصاف المتعلمين لجل ساحته بجسارة عنفية، تعلن امتلاكها للحقائق المطلقة، ويحار المرء في الرد عليهم أو مناقشتهم، فلا نعرف من هؤلاء المختبئين خلف الشاشات وتنقر أصابعهم لوحة الحروف.
هل هم صبية لم يشبوا بعد عن الطوق فلم يصلوا إلى النضج؟ أم هم شباب في طور المراهقة؟ أم كبار لم تكتمل رؤيتهم؟ أم لجان إلكترونية تنفث سموم مموليها لتخريب عقل جمعي مستهدف، حماية لمصالح استقرت وتعاليم فاسدة تسللت بحنكة وسطوة لتفترش -وتفترس- عقول البسطاء؟
اللافت أن بعض الكنسيين أصحاب المواقع المتقدمة انزلقت أقلامهم الى هوة الجدل السقيم، بشخوصهم، أو بوكلائهم، وأهملوا مهامهم تجاه رعيتهم، ليصيروا نوافذ مشرعة يقفز منها الإلحاد إلى محل إقامتهم، ودور عبادتهم، التي تحولت بهم إلى مواقع طرد وقطع وفرز، ولم تعد مستشفى للمرضى والجرحى، أو ملجأ للطريد، أو مأوى للنفوس الشاردة.
إجابتهم حاضرة لمن يسأل عن النفوس المتعطشة لكلمة الحياة؛ أنهم أبناء الهلاك!! بعقل بارد وجلد سميك، وحجج حاضرة، وضمائر تختلق سواتر لتبرير مواتها. لسان حالهم: أحارس أنا لأخي؟
ويبقى أسئلة لست أنا الذي يطرحها:
إِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!(إنجيل متى 6: 23)
أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟(إنجيل متى 5: 13)
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
صدر للكاتب:
كتاب: العلمانيون والكنيسة: صراعات وتحالفات ٢٠٠٩
كتاب: قراءة في واقعنا الكنسي ٢٠١٥
كتاب: الكنيسة.. صراع أم مخاض ميلاد ٢٠١٨