دخلت المسيحية أثيوبيا في القرن الرابع الميلادي على يد القديسين فرومنتيوس وأديسيوس (من مصر [1] ). وبحسب رواية المؤرخ روفينوس فإن هذين المبشرين دخلا إثيوبيا أولًا كأسيرين لكنهما اكتسبا عطف الإمبراطور الذي أطلق سراحيهما.
وقد توجه فرومنتيوس إلى الإسكندرية حيث قابل البابا أثناسيوس وسرد عليه ما حدث، فرسمه البابا أسقفًا، وعاد إلى أثيوبيا ليكمل بشارتها بالمسيح.
وقد ظل بابوات الإسكندرية يرسلون الأساقفة للكنيسة الإثيوبية [2] حتى عصر البابا يوساب الثاني (١٩٤٦ – ١٩٥٦) الذي سام للإثيوبيين لأول مرة خمسة أساقفة إثيوبيين عام ١٩١٥م، وفى عصر البابا كيرلس السادس (١٩٥٩ – ١٩٧٠) سام لهم بطريركًا جاثليق هو الأنبا باسيليوس، ولما تنيح هذا الأخير عام ١٩٧١ في أثناء خلو كرسي بابا الإسكندرية الذي يخول له القانون الكنسي رسامة البطريرك الإثيوبي، قام الإثيوبيون وحدهم -دون الرجوع إلى الكنيسة القبطية حسب التقليد المتوارث- برسامة بطريرك لهم وهو الأنبا ثاوفيلس، أسقف هرر، وكان ذلك في مايو ١٩٧١.
وبعد قيام الانقلاب العسكري ضد الإمبراطور هيلا سلاسي عام ١٩٧٤، قام النظام العسكري الجديد بمطالبة الكنيسة بالضرائب المستحقة عن أوقافها (وهى تمثل حوال نصف أراضي الدولة)، وعزلوا البطريرك الإثيوبي الأنبا ثاوفيلس (بدعوى أن رسامته تمت خلافًا للتقاليد الكنسية المرعية)، وعملوا على رسامة راهب بطريركًا باسم الأنبا تكلا هيمانوت، وتم ذلك يوم ٧ يوليو عام ١٩٧٦.
وقد وردت في أخبار متعددة منذ ذلك الحين عن مضايقات تتعرض لها الكنيسة على يد الحاكم العسكري هناك.
آخر تقرير عن حالة الكنيسة الإثيوبية:
أما عن الحالة اليوم في الكنيسة الإثيوبية. فقد نشر مجلس الكنائس العالمي تقريرًا أعدته لجنة خاصة [3]. بعث بها المجلس إلى إثيوبيا للتعرف عن كثب على ما يجرى في إثيوبيا تجاه الكنيسة هناك. وكان ذلك خلال شهر فبراير من العام الحالي:
قال التقرير ما يلي:
– ليس هناك ثمة برهان على وجود اضطهاد منظم من قبل الدولة ضد الكنيسة أو المسيحيين بسبب إيمانهم أو ممارساتهم الدينية.
– إلا أن هناك دلائل على وجود حوادث عرضية عن مواقف اتخذت ضد بعض الأفراد، من بينها الحكم بالسجن دون محاكمة، وكذلك بعض حالات تعذيب، وفي حالات منفردة وجود بعض الإجراءات ضد مؤسسات كنسية (كنائس وأديرة). وقد اعتبرت اللجنة هذه الحالات خطيرة.
لكن اللجنة أشارت إلى أنه ليس ثمة أحكام بالإعدام، وأن أخبار إغلاق كل الكنائس الأرثوذكسية في «كافا» غير صحيحة على الإطلاق.
– الأحداث التي ترتبت على الحكم العسكري عام ١٩٧٤ تركت الكنيسة في وضع مذبذب تمامًا. والكنيسة بالرغم من ترحيبها بالإجراءات الإصلاحية إلا أنها تأثرت ماليًا بتأميم أوقاف وممتلكات الكنيسة.
– خلال عام ١٩٧٨ تم تجديد كامل للمجمع المقدس للكنيسة الإثيوبية بلغ أوجه في يناير ١٩٧٩ برسامة ١٣ أسقف جديد. وقد وافق المجمع المقدس أخيرًا عل نظام مجالس الإيبارشيات التي انتشرت في ١٦ إيبارشية حتى الآن. وتسعى هذه المجالس إلى تأكيد بنيان إدارة الكنيسة على مستوى الشعب.
– الانطباع الذي خرجت به اللجنة من زيارتها أن الحكومة ليست معادية للكنيسة، والكنيسة مدعوة إلى الإسهام في مشروعات التعليم الرسمي وغير الرسمي بين صفوف الشعب. [4].
تبين الصور المنشورة على الصفحة المقابلة بعض أوجه الحياة الروحية الكنسية بين الإثيوبيين. فهم ما زالوا يحتفظون بنظام الخوارس في الكنيسة، فبينما يقف داخل الكنيسة الكهنة والشمامسة والمرتلون، والمتناولون من الشعب، يقف خارج الكنيسة في الفناء المحيط بها باقي الشعب الذي تمنعه عوائق شخصية أو روحية عن الدخول إل بيت الله.
ويلاحظ الملابس البيضاء التي يرتديها المصلون يوم الأحد. ويستخدم الشمامسة في الكنيسة آلة لضبط الألحان اسمها «السيسترون» (مثل الدف عندنا) وهي تلك التي يمسكها الشماسان الواضحان في الصورة.
وفي صورة أخرى يُرى بعض الإثيوبيين يسجدون على الأرض، ذلك أن الإثيوبي يحمل في قلبه توقيرًا خاصًا للكنيسة، فإذا ما شاهدها أو اقترب منها فلابد أن يحييها وذلك بأن ينزل عن دابته ويخلع قبعته و ينحني أمام الكنيسة أو يسجد عل الأرض، هذا إذا كان بعيدًا عنها، أما إذا كان بالقرب منها فيقبل حائط الكنيسة الخارجي.
وفي صورة أخرى يُرى راهب يسجد داخل مغارته التي نحتها في صخور المرتفعات المنتشرة في بلاد إثيوبيا.
بينما في صورة أخرى راهبة تحتضن طفلًا تعتني به ضمن أطفال ملجأ في أديس أبابا.
أخيرًا تُرى صورة أسقف إثيوبي هو الأنبا بطرس وسط أطفال مدارس الأحد في إيبارشيته. وكان أول خريج أثيوبي في الكلية الإكليريكية بالقاهرة عام ١٩٥٤ حينما كانت الكنيسة الأثيوبية ترسل وفودها إلى مصر (لدى الكنيسة الإثيوبية الآن مبعوثون كثيرون في الكليات اللاهوتية بالعالم: في أثينا وتسالونيكي وروسيا ورومانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها).
ندعو الله أن تأتي الأيام التي تلتحم فيها هذه الكنيسة الأرثوذكسية العتيقة المحبوبة بالكنيسة الأم كنيسة مصر مرة أخرى. ليفيض عليها الله من نعمته وسلامه بشفاعة القديس مار مرقس وبدعاء قداسة البابا شنودة الثالث الذي لا يزال هو راعيها الأعلى بحسب التقليد. آمين.
الكنيسة الإثيوبية اليومبقلم الأب متى المسكين، نُشر أوّل ما نُشر في مجلة مرقس، عدد أغسطس ١٩٧٩، الصفحات من ٣٩ إلى ٤١
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
اطرح عنك ذاتك التي تمنعك من الانطلاق في حرية أولاد الله