كتاب "..  أنموذجًا"، هو عنوان كتاب صدر للشيخ "محمد هنداوي الأزهري" المُكنى بـ"أبو البركات الأزهري"، وكان قد رأى فيه بعض الباحثين الأقباط أملا -للحوار والتفاهم- حيث تعامل في البداية بروح ودية، لذلك ظن بعضهم فيه خيرا، ولكنه "تمسكن حتى تمكن" كما يقول أهالينا المصريين!

مقدمة الكتاب لثلاثة أشخاص، الأول: د.”عبد الرحمن جبرة”، وهو أزهري فاضل وكتب مقدمة هادئة عاقلة تليق به! أما “علي الريس” و “سامي العامري” فقد كتبا مقدمتين عدائيتين، تليق بهما! وجاءتا بعكس ما كان يدعي الكاتب “هنداوي الأزهري” من علمية وأكاديمية وسماحة! وفي حقيقة الأمر الكتاب يخلو من أي جديد، ويخلو من الأسلوب العلمي الحقيقي في آن يتشدقوا بالعلمية والأكاديمية المُدعاة!

لابد أن نعي جيدا:

أن غياب الحرية النقدية يطعن أكاديمية المحتوى قولا واحدًا؛ فهؤلاء الأدعياء؛ الحرية عندهم في اتجاه واحد، والأكاديمية أكذوبة لخداع العوام، ومطية لاستباحة مقدسات الآخرين! فمن يتشدقون بالحرية الآن، ما رأيهم إذا قام مؤلف مسيحي بتأليف كتاب “الإسلام هرطقة نصرانية” مثلا، أو مؤلف مسيحي آخر كتب عن “موثوقيه النص القرآني” أو “مخطوطات صنعاء للقرآن” واعتمد على كتابات المستشرقين الملاعين والعياذ بالله أمثال: أبو موسى الحريري، أو تيودور نولدكه Theodor Nöldeke . أو أي مواضيع أخرى مشابهة، واعتمد علي: يوليوس فلهاوزن ، أو إجناتس جولد تسيهر Ignác Goldziher، أو الألماني جوزيف شاخت Joseph Schacht!

تبني توجه مسبق (ما أسميه “الإعجاز العلمي في مقارنة الأديان”) يطعن في صدق الأكاديمية أيضا. وهو استخلص من بحثه أن الكنيسة القبطية كنيسة هرطوقية حسب معاييرها – أي الكنيسة القبطية!!! وهذا هو نفس المنهج الغريب العجيب الذي يتبعونه في كل مناقشتهم، فهم يثبتون من الكتاب المقدس عكس ما يؤمن به كل المسيحيين في العالم أجمع، يستنتجون من مجلد عن “لاهوت المسيح” ما ينفي لاهوت المسيح!، يستخرجون اقتباسات من كتاب يدافع عن “قيامة المسيح” تهدم القيامة كما يزعمون!! وهو منهج عجيب حقا يتفردون هم وحدهم به! دون سواهم من خلق الله أجمعين في الشرق والغرب!! فأنت – بالعافية – كما أتصورك أنا، ﻻ كما تعلن أنت أن تكون!

بل ومن العجب الذي نراه ممن يدعون العلمية، فعند مطالعتك هذا “الكتاب المعجزة” الذي يدعون أنه أتى بما لم يأت به السابقون! ستجد أعاجيب علمية (أو غير علمية إن أردنا الدقة)، فستجد: اقتصاص واقتطاع في الاقتباسات، وقفز لنتائج إما مخترعة أو مبنية على الاقتباسات الخطأ أو المخترعة!، تلاعب واضح في الاقتباسات وتغيير معناها، أضافة كلمات وجمل في الاقتباسات خصوصا أثناء ترجمة من مراجع أجنبية)

إليكم مثال واحد فقط:

تزييف الاقتباس من الأزهري:

فربما يكون التقليد الذي يربط مرقس بالإنجيل الثاني بعيدًا تمامًا عن الحقيقة

(محمد هنداوي، نقد التقليد الكنسي، ص١٤ ، ١٥)

أما النص الحقيقي للباحث “جون درين” Drane, John William في كتابه “Jesus and the Four Gospels”

فلربما لا يكون التقليد الذي يربط مرقس بالإنجيل الثاني بعيدًا تمامًا عن الحقيقة

( جون درين، يسوع والأناجيل الأربعة، ص ٢٤٩.)

أن يخرج الدكتور الكبير “سامي عامري”، والمتخصص في مقارنة الأديان، ويتباكى على حرية البحث العلمي، ويتكلم كلامًا عجيبًا؛ لا وجود له إلا في مخيلته، عن “اضطهاد الباحثين المسلمين”.. أعلم جيدا أنه كلام مضحك، ولكنه ضحك كالبكاء! حيث يتعامل الدكتور الكبير مع الكتاب على طريقة “نباطشي الأفراح” في المناطق الشعبية في القاهرة، فتجده يقول على سبيل المثال “الكتاب الذي زلزل الكنيسة القبطية” إلى آخر تلك الترهات!! وخلفه جوقة من “صبيان النباطشي” على قنوات اليوتيوب (أمثال أبو عمر الباحث، و محمد شاهين التاعب)!! والمنهجية المُتبعة عندهم الصوت العالي والكذب والادعاء، والتكبير والتهليل، على طريقة مُشجعي النوادي (بيب بيب أهلي) ولا صوت يعلو على صوت الهتاف!!

وبالطبع الطرف المسيحي هو الطرف الخاسر دائمًا (في أذهانهم)!، فإذا سكت فأنت خائف، وإذا قمت بالرد الملتزم بالعلم واﻷدب، فأنت مرتعش وخائف ومزلزل!!، ولكن الويل لك إذا أفحمت فمصيرك سيكون مصير “”!!

تزوير المصادر وفبركتها: هذه هي السمة الأساسية في الكتاب الخالد الذي يعجز عن الرد عليه كل الأقباط مجتمعين، كما يحاولون إيهام “البقر” كما وصف الأزهري مخالفيه!! وفي الحقيقة كل هذه الموضوعات (بصورتها الصحيحة) ليست بجديدة، بل من أثارها هم المسيحيون أنفسهم! وتوجد الكثير من الكتابات الجادة المؤلفة والمترجمة التي تتناولها باستفاضة! فهو لم يأت بجديد كما يدعون! (غير الادعاء بإن الكنيسية مهرطقة حسب معايير هذه الكنيسة المهرطقة)!!

والجدير بالذكر أنه قد أنقلب الكاتب “هنداوي الأزهري” على عاقبيه بعد نشر الكتاب،
وهاجم من ردوا عليه وبينوا تدليسه، فوصفهم “بالبقر” ويحتاجون مثله ليقودهم بالعصا!!
فهو كان يحتاجهم فقط “لشهرة الكتاب” لغرض في نفس يعقوب!! وها قد حقق مراده!!
فقد أظهر هذا “الأزهري” وجهه الحقيقي.. بل نقول “لقد سقطت العباءة”! على حد تعبير الإفيه الشهير في الفيلم الكوميدي “محامي خلع”!

الحكمة المستخلصة: “ماتصدقوش ديب مهما غني ورطن”! كما علمتنا حكمة الشاعر المصري الكبير: سيد حجاب!

خلاصة الأمر:
نحن مع حرية النقد الأكاديمي، ولكن ليس من طرف واحد،
نحن مع التفاهم والتعايش، وليس شغل “ألتراس ديني” على اليوتيوب،
نحن مع الأمانة العلمية وليس الادعاء العلمي!

فكونوا رجالا!!

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

باهر عادل
[ + مقالات ]

صدر للكاتب:
مجموعة قصصية بعنوان: "تحوّل"، ٢٠١٩
كتاب: "اﻷقباط والحداثة"، ٢٠٢٢