حالة من الجدل زادت وتيرتها حول القمص  ومجموعة من العاملين معه بسبب "فن" جديد/ قديم هو "الإنياجرام" والمسمى زورًا "علم" لأنه يصنف "علم زائف" مبني على الخرافة، حيث أدخله القمص لمعي ومجموعته للتعليم في كنيسة مار مرقس شارع كليوباترا بحي مصر الجديدة، وتنظيم "كورسات" فيه.

هذه الواقعة توضح أزمة التعليم الضحل التي تعيشها من قبل انفصال المشؤوم في 451م، حيث يُهاجم الأكاديميين كما حدث مع العلامة في القرن الثالث الميلادي ومن بعد منه تلاميذه “الإخوة الطوال”، في زمن البابا في نهاية القرن الرابع، ويتبنى ثيؤفيلوس كلام مجموعة رهبان “المجسمة” المتطرفين والجهلة.

اليوم يحدث نفس النهج فبينما يُهاجم الأكاديمي الراحل دكتور بباوي، يُترك الباب على مصرعيه لمحبي “الحديدة” أي “الميكروفون”، ليتصدوا للتعليم والوعظ لا عن علم ودراسة بل عن “سهوكة” و”نحنحة”، أو “تهديد” و”وعيد”، وترديد الجهل  واستخدام لاهوت تخدير مشاعر البسطاء بمعسول الكلام الذي لا يتطابق مع تعاليم المسيح الذي يريد منهم أن يكونوا أحرارًا، لا عبيدًا مدجنين يرضون بالخضوع والذل بسبب كلام أحد الكهنة كالقمص لمعي.

من المفترض أن التعليم المسيحي الذي يقدم للمؤمنين يقربهم من المسيح، وأن يشعروا بإنسانيتهم وقيمتهم في المسيح، ولكن الذي يقدمه القمص داود لمعي عكس ذلك تمامًا، فهو يدجن المؤمنين يريدهم خاضعين خفيضي الرؤوس، يسجدون بسهولة ويقبلون يد الكاهن كما انتشر فيديو قديم له مؤخرًا يقول خلاله هذا الكلام.

نأتي لموضوع “الإنياجرام” وهو خرافة أو “علم زائف”، تعتمد على تقسيم الشخصيات إلى 9 أنماط، وهو مرتبط بديانات أخرى غير المسيحية، لكن القمص لمعي أدعى أنه علم كتابي وله أصول في الكتاب المقدس، وهذا كلام عارٍ تمامًا من الصحة، واتضح من الحملات التي قادها مجموعة من أبناء الكنيسة على مواقع التواصل الاجتماعي أن سبب وجود “الإنياجرام”، هو خادمة وزوجها الكاهن من مجموعة القمص لمعي وأن هذه الكورسات بمثابة “السبوبة” أو الشيء الذي يجدون لأنفسهم به مكانٍ على ساحة الكنيسة.

ولأن القمص لمعي لم يجد من يجعله يقف عند حده بل تم نفخ صورته منذ زمن ال، لدرجة أنه يعظ في وجود أساقفة، في كنيسة تعتمد على التراتبية والصوت الواحد وتمنع من هو أصغر أن يتكلم في وجود من هو أكبر من حيث السلطة الكهنوتية، وهذه القاعدة رسخها البابا غير المتعلم ديمتريوس رقم 12 الملقب بـ”الكرام” خلال مطاردته للعلامة أوريجانوس معليًا شأن السلطة الكهنوتية على سلطة المعلمين، فقد أعتقد لمعي أن ما يفعله سيمر مرور الكرام بإدخال خرافة على الكنيسة في ثوب علم وادعاء أن لها أصل في الكتاب المقدس، وأن غير المتعلمين سيخفضون رؤسهم ويقولون خلفه “آمين”، فكانت السوشيال ميديا، هي الوسيلة التي استخدمها الرافضون لهذه الخرافة وفضحها، وفضح مجمع أساقفة كنيستنا المتخاذل.

وهنا نأتي لمجموعة الأساقفة “إياها”، الذين يدعون حماية الإيمان وغيرتهم عليه، أين أنتم من هذه الخرافة التي يدعي القمص لمعي أن لها أصل كتابي، لم نسمع “الحديدة” في مغاغة تصدح بأن هذا تعليم خاطئ، وانتظروا “هذا الأسقف” قارئ البيانات في حلقة خاصة لمواجهة هذه الهرطقة، كما يفعل مع كل من يقدم تعليم آبائي، فهل هل يا تُرَى يخاف من القمص لمعي؟ أم أنه يعتبر القمص لمعي من نفس “الشلة” و-اعمل نفسك ميت- لئلا تنقسم مملكتهم على ذاتها وتخرب؟ والسؤال أيضًا لمقرر لجنة نشر الوعي العقيدي المتفرعة من لجنة الإيمان والتعليم ويحكم المنوفية أين أنت يا حامي حمى الإيمان؟

أعود ل، وأتساءل:  ما هو دستور إيمان كنيسة الإسكندرية؟ وما هي تعاليم كنيسة الإسكندرية؟ هل هي مكتوبة وواضحة؟ وهل يوجد نهج بتعاليم الكنيسة يدرسه الكهنة والرهبان وطلاب الإكليريكية معتمد أكاديميًا؟ وإذا كان متواجد هذه المنهج فكيف للقمص لمعي أن يدخل ما يحلو له على الكنيسة من تعاليم غريبة ليست ضمن تعاليمها؟ هل له وضع خاص؟ ومن أعطاه هذا الوضع؟ هل على رأسه ريشة؟ هل معه شهادات أكاديمية في التعليم من أكبر الجامعات الأكاديمية؟ أم أنه مثل بقية كهنة كنيستنا بلا تعليم أكاديمي يعتد به؟ وإذا كان مثلهم فلماذا يتميز عنهم ويأخذ وضع يضعه في خانة كبير المعلمين فيرسل رسائل تهديد ووعيد يتم تداولها على جروبات “واتساب” بين مختلف كهنة وخدام الكنيسة لينادوا بأن “” عقاب من الله في بَدْء انتشاره، وحين أصيب به غير كلامه؟

هل توجد رقابة كنسية على الأموال التي يجمعها القمص لمعي وتخضع لتصرفه ويستخدمها في الخدمة؟ هل هي أمواله الخاصة أم أموال الكنيسة؟ ولو هي أموال الكنيسة هل يمكن أن يصدر قرار يطلب منه أن ينتقل لخدمة أخرى ويترك خدمة الكرازة في إفريقيَا لكاهن آخر يكون مسؤولًا عنها أم هي ميراث شخصي يورث لأبنائه؟

هل يوجد في هذه الكنيسة هيكل إداري حقيقي أم هي عزب صغيرة وكل شخص يحكم أو يمتلك عزبة يديرها كما يحلو له؟

في الواقع إن مجمع الأساقفة تحرك بعد ضغط الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي، وقرر التحقيق في تدريس “فنكوش الإنياجرام”، والسؤال هنا إذا تم التحقيق مع القمص لمعي وأعوانه سواء الخادمة أو زوجها الكاهن، فهل توجد شفافية لنطلع على نتائج هذا التحقيق؟ أم أن “شبه الاعتذار” الذي قدمه القمص لمعي وأعلن فيه الخضوع ووقف البللبة وتأجيل الكورسات لحين فصل لجنة العقيدة في “فنكوش الإنياجرام” كافٍ لكم؟

الخوف كل الخوف أن يقر مجمع الأساقفة هذا “الفنكوش”، فنعلن بعدها الحداد على كنيسة الإسكندرية التي كانت يومًا ما تقود التعليم في الكنيسة على مستوى العالم.

 

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

بيتر مجدي
[ + مقالات ]

باحث وكاتب صحفي متابع للشأن الكنسي وشؤون الأقليات.
زميل برنامج زمالة الأقليات- مكتب المفوض السامي لحقوق لإنسان- الأمم المتحدة، جنيف/ ستراسبرج 2023.
زميل برنامج "" () لشبونة 2022.