ينضم بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، إلى بابا الفاتيكان، وبطريرك الكنيسة الجامعة الكاثوليكية، البابا فرنسيس، ويلقي كلمة أمام الجمهور المسيحي العالمي في اليوم العاشر من شهر أيار / مايو القادم. بالإضافة إلى التحدث مع العالم، سيحتفل تواضروس الثاني أيضًا بالقداس الإلهي في الكنيسة الملكية للقديس يوحنا لاتيران، وهو حدث يعد الأول من نوعه لغير الكاثوليك. (نقلا عن: فاتيكان نيوز | فرانس برس | أوسرفاتوري رومانو)
باﻷمس، تناولت وكالات اﻷنباء الدولية أخبارا عن أن بطريرك الإسكندرية للأقباط الأرثوذكس، البابا تواضروس الثاني، سيزور روما في الفترة من 9 إلى 14 أيار / مايو 2023. بعد عشر سنوات من لقائه مع البابا فرانسيس، وبعد خمسون عامًا من الاجتماع الأول بين الفاتيكان والكنيسة القبطية، أيضا سيكون البابا تواضروس الثاني خلال الاستقبال العام يوم الأربعاء 10 مايو في ساحة القديس بطرس. وبعد ذلك، يوم الأحد 14 مايو، سيحتفل زعيم أكثر من سبعة عشر مليون قبطي أرثوذكسي في مصر، بالقداس الإلهي في بازيليك القديس يوحنا، لاتران. وستكون هذه هي المرة الأولى التي يقود الصلاة في القصر الفاتيكاني شخصا غير كاثوليكي، لتعزيز الوحدة المسيحية.
لماذا يذهب البابا تواضروس إلى روما؟ ولماذا أتى البابا فرانسيس إلى مصر؟
بعد انفصال كنيسة اﻷقباط عن الكنيسة اﻷم عقب مجمع خلقيدونية، استغرق الحنين لعودة العلاقات ما يقرب من خمسة عشر قرنا من القطيعة. بدأ الجليد في الذوبان مع المجمع الفاتيكاني الثاني، حيث كان المراقبون الأقباط حاضرين.
في عام 1968، وجه البابا كيرلس السادس دعوة إلى البابا بولس السادس، للذهاب إلى القاهرة للمشاركة في افتتاح الكاتدرائية الجديدة. لم يستطع البابا بولس السادس الذهاب، لكنه في تلك المناسبة أعاد رفات القديس مرقس التي أخذها تجار البندقية من الأقباط في القرن التاسع. كانت هذه اللفتة إيذانًا بعصر جديد في العلاقة بين الكنيستين.
في عام 1973، وأثناء احتفال الفاتيكان بمرور 1600 عام على وفاة القديس أثناسيوس الرسولي السكندري، دعا البابا بولس السادس الأنبا الشاب شنودة إلى روما. وخلال هذه الاحتفالية وقعا سويا اتفاقية كريستولوجية وضعت حداً للجدل الذي نشأ حول مجمع خلقيدونية، والذي أدى إلى قطيعة بين روما والعديد من الكنائس الشرقية، بما في ذلك كنيسة الأقباط. وأكد هذا الإعلان المشترك عام 1973 أن المؤمنين يشاركون بالفعل نفس الإيمان بالمسيح، الإله الحقيقي والإنسان الحقيقي. وتحولت هذه الاتفاقية التاريخية إلى نموذج للكنائس الأخرى: السريانية، والأرمنية، والهندية، وغيرهم.
تواضروس، الذي تم انتخابه وتجليسه في 2012، قد اختار بالفعل في أول رحلة له خارج مصر أن يلتقي بالبابا فرانسيس الذي تم انتخابه للتو أيضا في 2013. في هذه الرحلة، احتفلا معًا بالذكرى الأربعين للقاء الشهير بين سلفيهما، البابا بولس السادس، والبابا شنودة الثالث، واتفقا وقتئذ أن يوم العاشر من مايو سيكون “يوم الصداقة القبطية الكاثوليكية” الذي يتم الاحتفال به منذ ذلك الحين كل عام من خلال تبادل الرسائل الشخصية بينهما.
في عام 2017، ذهب البابا فرانسيس إلى القاهرة ليوقع مع تواضروس الثاني وثيقة مشتركة بنبرة رعوية. كان أحد التحديات التي تواجه كليهما هو الاتفاق على مسألة الاعتراف بالمعمودية، لا سيما في حالة الزواج المختلط. أكد الإعلان أن الكنيستين ستفعلان كل شيء حتى لا تصلا إلى درجة إعادة تعميد المؤمنين. لكن، وباعتراف الجميع، لم يكن هناك إعلان مشترك.
” في العاشر من مايو، سنحتفل بالذكرى الخمسين للاجتماع الأول بين بابا الفاتيكان وبطريرك قبطي أرثوذكسي … ستمر أيضًا عشر سنوات منذ قدوم البطريرك تواضروس الثاني إلى الفاتيكان … لذلك سنحتفل بذكرى مزدوجة ”
(الاب هانزي ديستيفيل الدومنيكي، عضو المكتب الفاتيكاني لتعزيز الوحدة المسيحية)
كيف ستكون زيارة تواضروس القادمة إلى الفاتيكان؟
في عام 2008، أحضر بابا الفاتيكان: بنديكتوس السادس عشر، بطريرك الأرمن: الكاثوليكوس كاريكين الثاني، خلال لقاء مشترك، لكن الأخير لم يتكلم. أما في هذه المرة، سيتحدث تواضروس الثاني.
يوم العاشر من مايو يصادف أن يكون يوم أربعاء، وهو يوم الجمهور العام للبابا فرانسيس في ساحة القديس بطرس. لذلك سيكون البطريرك تواضروس الثاني حاضرًا إلى جانب البابا فرانسيس في ساحة القديس بطرس، وسيتحدث للعامة. سيكون الأول في ذلك.
في اليوم التالي، سيستقبل بابا الفاتيكان البطريرك المصري في لقاء خاص مع وفده (أساقفة المجمع المقدس المحلي القبطي)، وسيجري تبادل الكلمات المشتركة بعد ذلك. قد يبرز موضوع “مسكونية الدم” إذ غالبا ما يُطلق على الكنيسة القبطية اسم: “أمّ الشهداء”، قد تُستحضر ذكرى الشهداء الأقباط الذين اغتالهم تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا عام 2015. ثم سيقضي قائدا الكنيستين فترة للصلاة في كنيسة الفاتيكان.
” سيكون الأحد ١٤ مايو يومًا تاريخيًا أيضًا، حيث سيحتفل البطريرك بقداس للمؤمنين الأقباط في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران. ستكون هذه هي المرة الأولى التي يحتفل فيها شخص غير كاثوليكي في كاتدرائية البابا. أعتقد أن البازيليكا ستكون ممتلئة، لأن هناك شتات قبطي كبير جدًا وديناميكي في منطقة روما وفي إيطاليا، ربما ١٠٠،٠٠٠ مؤمن قبطي ”
(الاب هانزي ديستيفيل الدومنيكي، عضو المكتب الفاتيكاني لتعزيز الوحدة المسيحية)
في مصر، هل العلاقات بين الأرثوذكس والكاثوليك إيجابية؟
لقد فعل البابا تواضروس الثاني الكثير للعلاقات المسيحية في مصر في بداية تولّيه الكرازة المرقسية، على سبيل المثال، أسس تواضروس مجلسًا مسكونيًا للكنائس برئاسة دورية. وقد كان حاضرًا عند تتويج الكردينال الكاثوليكي إبراهيم اسحق في عام 2013، وهو ما لم يحدث من قبل. وهذا يدل على انفتاحه على الأقباط الكاثوليك الذين يشكلون أقلية داخل الأقليّة القبطية في مصر.
تبوء معظم جهود البابا تواضروس الثاني في تعزيز الوحدة المسيحية بالفشل، وذلك لأن معاونيه من أساقفة العموم هم من اختيارات سلفه الراحل، البابا شنودة الثالث، والذي كان يتبنى نهجا مزدوج الخطاب الديني بين الداخل والخارج. ففي حين كان الأسقف الشاب اﻷنبا شنودة هو المؤسس اللاهوتي للصيغة الكريستولوجية المتفق عليها بين الشرق والغرب، إﻻ أنه عزز التراث القومي المحلي في العزل الاجتماعي للأقباط الأرثوذكس، ورفض تمامًا السماح الكنسي بالمصاهرة مع غير اﻷقباط، ومازال هذا العزل الاجتماعي سائدًا من القرن التاسع عشر بشكل يجعل المسيحيين الأرثوذكس غير مصرح لهم بالزواج من الكاثوليك باعتبارهم: غير معمّدين.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟