وكيف تعتاد هذا الغياب الحاضر وهذا الحضور الغائب؟!
هي تلك العاشقة التي تنقش حروف الشوق على رصيف الغياب علها تصل
تتنفسك شهيقاً وزفيراً رغم أكسيد الغياب الخانق
وتراك في صحنها
بفنجان قهوتها… بكتبها… بقلمها ومحبرتها، بأورقها ومذكراتها
تراك بجوارها في وحدتها
بمرآتها… بعمق عيناها
تراك حزناً داخل روحها
فرحة بوجدانها
فمتى يغيب الغياب لتلتقيها؟

‏اقرأني جيداً
أنا تلك المصلوبة بيدك
على خشبة وفائي
لامس حروفي بجفاف أيامك
فتش عن نزف جديد للحب
وضمده بأنفاسك الراحلة
التقي معي في غياب
وأجلس مع ذاكرتي العالقة بك
خفف عني صدمة إحساس تلاقيها
من غصتي المتشبثة بك
وأسقيني من أيام مضت
كأس ذلك النبض
الذي يجعلني أعطش لحبك

‏أشجار قلبي لم تحترق عبثاً
تناهيد غيابك من أشعلتها.

‏كيف أتخلص من انتظارك،
ومتى سأكف البحث عن عطركَ المنتشر في أكمام الغياب.

‏أنا قبيلة من عطش
وصدرك صيف جاف
لا شتاء يبلّل الورد
فقط سنابل الغياب الجوفاء
تقف حانية أمام وجه انتظاري… منكسرة،
تحمل ذنب اشتهاء
على مقاعد الشتاء،
لحن مبتور لقصة تاهت
في سواد اللّيل
ضمّت أطرافها خوفاً
حين باغتها الغياب
وظلّ العزف مراقٌ دمه، إلى أن مات.

‏على حافةِ الريحِ
مازال قلبي
يراقصُ غيمةْ
يلامسُ
في مبسمِ البدرِ
سرًّا
يصبُّ الضياءَ
بكأسِ المساءِ
ويسقي
على ضفَّة الشوقِ
كرمة
ويأوي
إلى ظلِّ أرجوحةٍ
من غيابٍ
فيستمطرُ الذكرياتِ
يصلّي الحضورَ
فتنبتُ فوقَ جبينِ الحكايةِ نجمة.

‏وكيف أنجو من حضوري…
في غيابك.

‏غياب أحدهم قد لا يقتلك
لكنه يطفئ نورا كان يتقد في داخلك
مؤلم أن تسير في طريق اعتدته
و لا تجد في نهايته من يحملك.

وتستلّ من قلوبنا نبضة غريبة متمردة
ترفض الخضوع لقانون الغياب لنعود ونتشبث باللقاء…

‏خذ من أمامي طريق الغياب…
فقلبي رابض في حدائق الانتظار.

‏امسك بيدي وخذني لطريق لا غياب فيه
وعاهدني أن تطوقني بك لآخر العمر
وأن تبتر مسافات البعد وتجمعني بك.

‏ما بين الماضي والآتي
أضيّعني
لأجدك غياب…

هناك حيثُ الطريق..
حيثُ نُصُبِ ميعادنا الأول..
حيثُ (أنتَ) و(أنا) في فجرٍ لا يعقُبُه أُرجوانُ غروب ولا وشاية غياب..

تُسائلني الخلجات والأماكن والجوارح كل يومٍ:
هَل أَتي؟
وألوذُ بالصمتِ الأليمِ أذا سُئِلتُ،
فلا جوابَ على: مَتى؟

‏في ‎رحاب قلبي أرتل
أحرف أسمك للذكرى
على منحدرات وهمية
ما بين عناق الشوق
وتضميد الجراح النازفة
عن غياب نصف الروح.

‏أخبرتني زهور الربيع بأنه عاد
عاد مشنوقاً بأنفاسه..
يشهق آخر غروره من رئة الحنين
جاء مشحوناً بالأمل
وفي قلبه صورةٌ قديمة
تُخبره بأنّ أرضي عطشى ما زالت تنتظر
غيثه الموسمي البخيل…
أحمق لا يُدركُ بأنني اعتدت الصيف ولم يعد يُرهِقني غياب المطر.

بين يقين وشك
تعصف بي هواجس الحَيْرَة
حضورك
يشبه المطر
فيض أمان، احتواء
كلماتك دثار دفء
في غيابك تتسلمني سياط الفراغ
الممتد بيني وبينك
أبتلع الوجع في صمت
يكاد يُفتت مهجتي
أحتاج حضورا لا يعقبه غياب
حضورا يملأ روحي سكينة
فأرتاح من وجع الظنون.

في كل ليلة غياب جديدة
أدعو ذكرياتك على مائدة شوقي
ونأكل سوياً أشهى الحنين.

‏مدامع الفقد تقض مضجعي
وتزيد في قلبي أنينه وشقاهُ
مدامع الحرمان صمتا موجعي
ضلّ الطريق… ومات صداهُ.

‏ما بين الماضي والآتي، أضيّعني
لأجدك غياب.

‏منابع الصبر جفّتْ
وأنتَ مِلءَ السحاب
تمطر غياب..

‏الحائط في ظهري آمنًا..
لكني لم أنتبه أنه مراوغ ويدور!
أنا عالقة في فخاخ الدوائر..
‏عبثًا محاولات الفرار!
الوجود تائه في الزمكان.. والبوصلة ضيّعت وجهتها نكاية بالمغناطيس..
رغم الاستسلام ما زلت أحاول!
‏وعينيك!!!
آه من عينيك!
تلك التي لا تغيب أبدًا..
تخيط المدى في نقطة التقاء الأرض بالسماء وكأنها تتنصل من الاثنين وأحتار كيف إليهما السبيل
‏أعاني حدة الذاكرة وانتكاسات الحنين..
ذاكرتي المثقوبة التي تثبت كل يوم أنها قادرة على أن تُسقط منها كل شيء إلّاك..
‏أعاني نكبة التجاوز..
لعنة الاستعمار وثورة الرغبة..
أعاني الالتصاق الشديد وعبث محاولات التجريف
التصحّر الغائب فيما الفؤاد أخضر!
‏أعاني العشى في تفحص البدائل،
شماتة البندول،
وإرهاصات الانهيار العصبي.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

ريهام زاهر
rizaher7@gmail.com  [ + مقالات ]