كل شيء حضر في وقته، ما عدا الرياح، غائبة..
العناوين ملت الغياب
السماء تناست احتياج الأرض
النوافذ لها جذور تنمو نحو ما قبل الأمس،
وقبل الأمس، كانت أعوام ماطره.

‏ليس وشماً على جبين القلب
كان جرحاً ضَمَدتهُ، بكحل غيابك.

‏يسأل عن حالي في غيابه
كمن يسأل مَصلوباً
عن رأيه في خشبة الصليب
وأشكال المسامير
وشعورهِ نحو المطرقة.

‏أنا وعطرك يا غائب
نتقاسم الأنّات.

‏يَغيبُ فيه كلَّ شيء
ويَحضرُني غيابه.

‏وإنّي أتنفسك
أتنهّد حزني طويلاً
وأنا أستنشق غيابك.
‏تعبت من فلسفة قراءة ما هو وراء الأحداث
أن أفسر غيابك بأنّه ليس غياباً
وأدعي أن بعده حضور.

‏كان علينا الاجتهاد في الإشراق لولا أننا رحلنا معاً،
في غياب مطلق الحضور.

‏يفقد الوقت أهميتهُ في غِيابكَ
غيابكَ إهدار لروح المَكان.

مضيت بعيداً…
تطلب ما تبقى لكَ مما آمنت به
أتسائل، إن كان يهمك حال قلبي؟!
أنا التي أرتشف قطرات دمعي تحت شمس الغياب
ومدارات روحي تُفقد في فقدك
أتضرع السماء أن تمطر لي قُرباً
وليس هناك سوى دمعي معلقاً بقلب الله.

‏لليل صورةً الغياب
مع أنه حضور
للصمت صورةً الغياب
مع أنه شعور
لو لم تكن صور الغياب مؤثرة
لما كان هذا الشعور بالحضور.

مَن جَاءتْ به الأقدارُ في زمنِ النوحْ،
وإن أخذتهُ المسافات
وإن طوت الأيام تواريخُ الذكرى
يظل عالقاً ما دامت الروحْ.

‏ثم ماذا؟
ثم إننا نمضي
وبكل القوة في الاتجاه غير المُرضي
المسافة ما عادت تطويها السرعة ولا تعترف بالزمن كأننا نسير ولا نصل
واكتفت قوة الطرد المركزية بداخلنا بطرد الأحلام والأمنيات
أما غلافنا الجوي فقد ثقبته الحرائق المشتعلة بداخلنا.

بحق الحب
و الأشعار واللهفة
بحق سبيلك المرصوف بالأشواق
تلقاني فيه على غفلة
بحقك
ترجّل عن الغياب
وأعلنها هزيمة منتصرة.

وأتضورك غياباً
أَشبِعْ لي جَوعَتي
مُدَّ لي من قلبك “خبزاً وماء” كِفافُ ليلة.

ولا زلتُ أكتبك، بذات الأهمية
بقدرِ حضورك الماضي، وغيابك الحاضر.

‏لا أثرٌ أُبصره…
الريح فندت نبوءة البشارة،
سيّان أن تكون هنا أو هناك.
فالقلب الذي صافح الغياب
نسي أنّ للإياب نبض مختلف..
‏عندما تزدحم شوارع الحنين بتظاهرات الغياب
ويحلَّ فصل الشتاء في عينيًّْ
تدفق الأنهار لتغيّر معالم الوجنتين
تتكون أعالي القمم بفعل الكبرياء
تصدأ أصداء الحروف،
وتصير حصون وأكمات حَيْرَة
وحدي من أغني لمطر الهزيمة.

متى ألقاك..؟!
فكل قطرة من جبين الغياب تتحول إلى دمعة تنسال إلى فنجان الوحدة.

مازال هذا الغياب يتعطر بالمسير
ولا يكفُّ عن الغياب..

لا رياح!
قل لي إذن؛
أي أدراجٍ ذهبت؟

‏مُكلفةٌ فكرة الغياب
كمن يُقرِض العمر لجيبِ اللقاء…!

كان يتوجّب عليّ ترك رسالَة ملوّنة عند نافذتك
وقد نسيت… نعم نسيت، فمسافة الغياب بيننا أخذت حيزاً كبيراً من ذاكرتي، واختلقت النسيان..

لماذا لا تكون كالطيور
لا أحد يرشدها إلى أعشاشها
أيّها المسافر من غياب إلى غياب
والأشواق تبيت في أوكارها.

‏أنت الذكرى الوحيدة التي أخاف عليها من الضياع
وهو الشيء الوحيد الذي يقود الوعي إلى سفرٍ لم يتم قط.

‏أرتاب حين أنت
أنا
أحدنا غائب
والآخر حاضر في المرايا.

كمن يبحث عن سكينه في أذن جوقه،
يغرقني هذا الحضور الغائب
وحلمي البكر يبقى على أبواب نجمة، يخبو
فيصبح جبروت من أعاصير، تصفر لنفير،
لحرب… معلنه بَدْء الرحيل
فتعلنُ الأنا
على قلبي الرحيل.

‏اللهفة تغزل الذكريات مناديلاً حريرية
كلما مسحنا بها وجه القلب
نزفت أصابعنا آخر العطر العالق من بقايا لقاء ربما كان
وربما اشتهينا أن يكون.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

ريهام زاهر
rizaher7@gmail.com  [ + مقالات ]