- من أنت يا سيد؟
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [١]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [٢]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [٣]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [٤]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [٥]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ (٦)
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [٧]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [٨]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [٩]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [۱۰]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [١١]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [١٢]
- أيها الأسقف.. من أنت؟ [١٣]
- ☑ أيها الأسقف.. من أنت؟ [١٤]
- أيها الأسقف.. من أنت [١٥]
ذهب طيف من الباحثين إلى أن صاحب سفر "الرؤيا" كان يشير إلى أسقف الكنيسة ويعنيه بكلمة "ملاك كنيسة كذا" في رسائل الجالس على العرش إلى "الكنائس السبع"، وعلى الرغم من أن هذا السفر كتب حسب علماء الكتاب المقدس، يدعمهم تقليد الكنيسة، قبيل انقضاء القرن الأول الميلادي إلا إنه يحسب سفراً استشرافياً، يجلي صورة الكنيسة المفدية وما سنكون عليه بامتداد الزمن، وما ستواجهه من متاعب ومصاعب، وما ستحصده من انتصارات روحية سلامية لحساب الإنسان تمتد إلى ما بعد الزمن، لذلك تسميه الكنيسة في أدبياتها "سفر الجليان"، وظني أن ما ذكره السفر في إصحاحاته الأولى من ملاحظات على الكنائس إيجاباً بقوله "أعرف أعمالك وتعبك وصبرك ..."، وسلباً بقوله "لي عليك إنك تركت محبتك الأولى..."، ويتكرر الأمر مع كل كنيسة، في صياغة أدبية راقية، ويحمل لغة تجمع بين التحذير والرجاء، هي رسالة لكل راع ترسم له خارطة طريق لعمله، الواجبات والمسؤوليات وما ينتظره من مكافآت تعوضه عن جهاده وتعبه كأكاليل مجد.
يتكرر الأمر مع كل كنيسة:
ـ “مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ.”
ـ “مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَلاَ يُؤْذِيهِ الْمَوْتُ الثَّانِي”
ـ مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى، وَأُعْطِيهِ حَصَاةً بَيْضَاءَ، وَعَلَى الْحَصَاةِ اسْمٌ جَدِيدٌ مَكْتُوبٌ لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ غَيْرُ الَّذِي يَأْخُذُ”.
ـ وَمَنْ يَغْلِبُ وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إِلَى النِّهَايَةِ فَسَأُعْطِيهِ سُلْطَانًا عَلَى الأُمَمِ، فَيَرْعَاهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ، كَمَا تُكْسَرُ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ، كَمَا أَخَذْتُ أَنَا أَيْضًا مِنْ عِنْدِ أَبِي، وَأُعْطِيهِ كَوْكَبَ الصُّبْحِ. مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ”.
ـ مَنْ يَغْلِبُ فَذلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا، وَلَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَسَأَعْتَرِفُ بِاسْمِهِ أَمَامَ أَبِي وَأَمَامَ مَلاَئِكَتِهِ. مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ”.
ـ مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُودًا فِي هَيْكَلِ إِلهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلهِي، أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ. مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ”.
ـ مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ. مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ”.(سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي الإصحاح السابع)
اللافت أن الكنيسة تخصص ليلة السبت الذي يسبق أحد القيامة، بطولها لقراءة سفر الرؤيا بل وتسميها باسمه، ليلة أبو غلامسيس، وهو النطق الشعبي العربي للكلمة اليونانية إيبوكلابسيس وترجمتها “الرؤيا” إشارة إلى سفر الرؤيا، وتعكس عبقرية لاهوتية بالربط بين محتوى السفر من رموز أخروية، لم نكن لندركها بغير حدث الفداء، ونزول المسيح إلى الجحيم وتحريره لنفوس المقبوض عليهم فيه.
أي عبء وأي مجد يحملهما الأسقف، وهو يتمم عمل الله في خدمته، ولعل هذا يجعلنا نتساءل عن اللا معنى للصراعات التي ينخدع بها طيف من الأساقفة، التي تأتى خصماً من المجد وإضافة إلى العبء. وما يتفاقم عنها من تحالفات وتوافقات شللية تعوق بالضرورة بل وتهدم عمل الرعاية وخلاص النفوس التي هي مهمة الأسقف الأولى.
أو التحول من الأبوة إلى السلطة، وما يحمله هذا التحول من تصرفات تحجب عنه عمل النعمة فتتحول إلى صدام الذات التي تتضخم، وتطلب ما لنفسها وتستغرقها مسارات إشباعها، وتستغرقه جملة “إن كُنْتُ أَنَا أَبًا، فَأَيْنَ كَرَامَتِي؟ وَإِنْ كُنْتُ سَيِّدًا، فَأَيْنَ هَيْبَتِي؟” التي يقتطعها من سياقها وينسبها لنفسه، فيما هي تأتي ضمن تأنيب الله للكهنة في تقصيرهم:
“الابْنُ يُكْرِمُ أَبَاهُ، وَالْعَبْدُ يُكْرِمُ سَيِّدَهُ. فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَبًا، فَأَيْنَ كَرَامَتِي؟ وَإِنْ كُنْتُ سَيِّدًا، فَأَيْنَ هَيْبَتِي؟ قَالَ لَكُمْ رَبُّ الْجُنُودِ. أَيُّهَا الْكَهَنَةُ الْمُحْتَقِرُونَ اسْمِي. وَتَقُولُونَ: بِمَ احْتَقَرْنَا اسْمَكَ؟ تُقَرِّبُونَ خُبْزًا نَجِسًا عَلَى مَذْبَحِي. وَتَقُولُونَ: بِمَ نَجَّسْنَاكَ؟ بِقَوْلِكُمْ: إِنَّ مَائِدَةَ الرَّبِّ مُحْتَقَرَةٌ. وَإِنْ قَرَّبْتُمُ الأَعْمَى ذَبِيحَةً، أَفَلَيْسَ ذلِكَ شَرًّا؟ وَإِنْ قَرَّبْتُمُ الأَعْرَجَ وَالسَّقِيمَ، أَفَلَيْسَ ذلِكَ شَرًّا؟ قَرِّبْهُ لِوَالِيكَ، أَفَيَرْضَى عَلَيْكَ أَوْ يَرْفَعُ وَجْهَكَ؟ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. وَالآنَ تَرَضَّوْا وَجْهَ اللهِ فَيَتَرَاءَفَ عَلَيْنَا. هذِهِ كَانَتْ مِنْ يَدِكُمْ. هَلْ يَرْفَعُ وَجْهَكُمْ؟ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ.”!!
(سفر ملاخي 1 : 6 ـ 9)
استحضر في هذه اللحظة ما سبق وسجلته في هذه الأطروحة حين تعرضت لطقس رسامة الأسقف وكذلك طقس تجليسه، والكنيسة تعلنه : ارع رعية الله، التي أقامك الروح القدس عليها ومن يديك يطلب دمها، ويمر أمامي شريط ذكريات العديد منهم وعيونهم تفطر دمعاً حينها وما زالت شرائط الفيديو التي وثقت تلك اللحظات متاحة في خزانة الأفلام الوثائقية.
وتقفز أمامي حكايات السنكسار التي تحكي موقف الأم القروية القبطية التي أشاحت بوجهها عن ابنها الذي طرق بابها في مستهل جولته الرعوية بعد رسامته بابا للكنيسة، فظن أنها لم تتعرف إليه وقد تغير شكله وملبسه، فصدمته، بل أعرفك يا ابن بطني؛ وكنت أتمنى أن يأتوني بخبرك عن أن أراك في هذه المسئولية الثقيلة، التي صرت فيها مطالباً بأن تعطي حساباً عن كل نفس في رعيتك. وتقول الحكاية أنه لم يكف لحظة بعدها عن افتقاد الكنائس وتعليم الرعية بدموع ومثابرة.
الأمر يستحق وقفة حازمة وأمينة منك أيها الأسقف لنفسك، تواجهها بأنك خادم ولست سيداً، وهدفك خلاص نفوس من اؤتمنت عليهم وليس السيطرة على حياتهم وإخضاعهم، تذكر كيف كان سيدك يفعل ويعمل ذلك، ومازال أيضاً يعمل، وهو الخالق والسيد، لذلك فالكنيسة لا تتوقف في ليتورجيتها عن الصلاة من أجلك، وأذكر مرة سألت أحد الآباء المختبرين عن دلالة أن يٌعطى الكاهن أن يضع يد بَخُور فيما يٌعطى الأسقف أن يضع ثلاث أياد عندما تقدم له الشورية، وكنت أظنها نوع من الإكرام لفارق الرتبة، فقال لي الكنيسة الحكيمة تنبه الأسقف إلى أنه يحتاج لقدر من الصلاة أضعاف ما يكلف الكاهن الأصغر، بقدر ثقل مسئوليته المضاعفة. فتغلف رسالتها في طقسها ويدركها هو بحسه الروحي.
وحين يتردد اسم الأسقف في لحن من الألحان أو صلاة من الصلوات، نجده يرسم على صدره علامة الصليب، حسب تسليم الآباء، وكأن الكنيسة تحذره أن يحتمى خلف الصليب من ضربات اليمين التي قد تهاجمه لحظتها بأنه الأقدس والأعلى والأكبر، فيعطى المجد لله.
تكليفك الأول أيها الأسقف كما قال وفعل راعي الرعاة:
لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا.
كَمَا يَفْتَقِدُ الرَّاعِي قَطِيعَهُ يَوْمَ يَكُونُ فِي وَسْطِ غَنَمِهِ الْمُشَتَّتَةِ، هكَذَا أَفْتَقِدُ غَنَمِي وَأُخَلِّصُهَا مِنْ جَمِيعِ الأَمَاكِنِ الَّتِي تَشَتَّتَتْ إِلَيْهَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَالضَّبَابِ.
وَأُخْرِجُهَا مِنَ الشُّعُوبِ وَأَجْمَعُهَا مِنَ الأَرَاضِي، وَآتِي بِهَا إِلَى أَرْضِهَا وَأَرْعَاهَا عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ وَفِي الأَوْدِيَةِ وَفِي جَمِيعِ مَسَاكِنِ الأَرْضِ.
أَرْعَاهَا فِي مَرْعًى جَيِّدٍ، وَيَكُونُ مَرَاحُهَا عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ الْعَالِيَةِ. هُنَالِكَ تَرْبُضُ فِي مَرَاحٍ حَسَنٍ، وَفِي مَرْعًى دَسِمٍ يَرْعَوْنَ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ.
أَنَا أَرْعَى غَنَمِي وَأُرْبِضُهَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
وَأَطْلُبُ الضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ، وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ، وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ، وَأُبِيدُ السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ، وَأَرْعَاهَا بِعَدْل.(سفر حزقيال 34 : 11 ـ 16)
ومازال للطرح بقية.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
صدر للكاتب:
كتاب: العلمانيون والكنيسة: صراعات وتحالفات ٢٠٠٩
كتاب: قراءة في واقعنا الكنسي ٢٠١٥
كتاب: الكنيسة.. صراع أم مخاض ميلاد ٢٠١٨