كلام كتبته واحتفظت به منذ سنتين واضطرتني الظروف الحالية للإضافة عليه ونشره فأرجو قراءته حتى النهاية.

في 16 يناير 2021 ظهر إعلانين أغرب من الخيال في يوم واحدٍ على فيسبوك:مسيح الحيطان أم مسيح الإنسان؟ 1

الإعلان الأول: كنيسة في عين شمس بتشحت تبرع بأسطوانة أكسجين أو ثمن أشعة على الصدر أو مشاركة في تكاليف علاج الناس المصابة وبتموت من كوفيد 19 وكل ما طالبوه 56 ألف جنيها فقط!!

الإعلان الثاني في نفس اليوم 16 يناير 2021: في عز ما كان وباء الكورنا ضارب كل ركن في مصر، نشر  دير مكاريوس الإسكندري جبل القلالي- وادي النطرون  إعلان بعنوان “يوم مشهود في جبل القلالي” عن افتتاح كاتدرائية ضخمة فاخرة التجهيزات بحيطانها الذهبية ومبنية في قلب الصحراء بتكلفة مئات الملايين من الجنيهات من فلوس تبرعات الأقباط والدير لا يوجد به سوى راهب واحد مسئول -لحد ما يشوفوا له رهبان!!

مسيح الحيطان أم مسيح الإنسان؟ 3

أتعجب من بناء الأديرة لكاتدرائيات ضخمة فاخرة في قلب الصحراء تساع آلاف المصلين في حين الحضور أصلا لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة؟! ألا يجب توفير أو توجيه أموال التبرعات هذه لأخوة الرب والمحتاجين والفقراء الذين يزيدون فقرا يوما بعد يوما ويموتون في عز أزمة وباء متفشي طاحنة، بينما هناك رهبان زاهدين متقشفين يعيشون بجانب كاتدرائيات فخمة وسط الصحراء لا يصلي فيها إلا خمسة أو ستة رهبان ودمتم!! هو فعلا يوم مشهود في أرض مصر كما يقول الإعلان ليس لأن هذه الكاتدرائية الضخمة بٌنيت، لا لأن ربنا يشهد على كل هذا ويحاسبهم عليه!

مسيح الحيطان أم مسيح الإنسان؟ 5في أغسطس 2022 الأنبا يؤانس يقول إن أموال التبرعات والعشور والنذور التي تحصلها الإيبارشية (هي بالمناسبة في أسيوط بالملايين) يتم صرف 10% منها فقط على الفقراء والمحتاجين أما الباقي فيتم توجيهه للصرف على التكييفيات وصيانة المباني ومرتبات الأسقف والكهنة، من الآخر الصرف على الإيبارشية وأسقفها في رحلاتهم وإقامتهم ومقراتهم الفاخرة، يعني 10% من الـ 10% الذين دفعتهم هي التي تصل فعلا للفقير والمحتاج، يعني الفقير يأخذ أقل من 1%.

أيضاف في أغسطس 2022 حدث حريق في كنيسة بحي إمبابة ويموت أغلب من كانوا فيها، والسبب قلة موارد مالية وعدم قدرة أو تجاهلهم شراء عدة أجهزة إنذار حريق يتكلف الجهاز الواحد فيهم 600 جنيها، غير تجاهل استخراج تصريح الدفاع المدني أكثر من مرة و-مقضينها- (تصاريح مؤقتة) تتجدد كل فترة.

مسيح الحيطان أم مسيح الإنسان؟ 7لن ألوم كثيرا على كنيسة إمبابة، كفاية الكارثة التي حلت بهم، لكن لزم علينا المقارنة بين الصرف ببذخ على أديرة يسكنها 5 أو 6 أشخاص وعدم الاكتراث ببسطاء يموتون بسبب عدم وجود كم جهاز إنذار تكلفتهم الإجمالية أقل من 10 آلاف جنيها، لم يستطيعوا شرائهم أو تجاهلوا تركيبهم ربما لضيق الحال!

مسيح الحيطان أم مسيح الإنسان؟ 9

في بداية يناير 2023 وفي ظل تمرمغ واحتفال المواطنين في إنجازات الجمهورية الجديدة في بلد على مشارف انهيار اقتصادي ومعاناة يومية وغلاء قضى على الأخضر واليابس وسعر الدولار يتربص بالمواطنين في الزراعات، ظهر لنا إعلان آخر من كنيسة في مدينة 6 أكتوبر تطالب الأقباط بالتبرع بحوالي 6.5 مليون جنيه لتشطيب الكنيسة على أعلى مستوى من الزجاج المعشق والملون إلى أخره من أخبار -الهيخو هيخو هيخو- ولا أستطيع أن أعلق أكثر من ذلك لأن المواطنين الشرفاء فاض بهم الكيل وعملوا اللازم مع من نشر البوست المستفز في هذا الوقت.

مسيح الحيطان أم مسيح الإنسان؟ 11في 11  يناير 2023 وسط تناوب الدولار على اغتصاب الجنيه المصري بلا رحمة فإن إيبارشية جرجا لا تبالي وتعلن عن افتتاح قاعة الاجتماعات الكبري الفخمة الضخمة المجهزة بكل وسائل التواصل الحديثة وغرفة العمليات المركزية بقاعدة جرجا الرعوية بتكلفة تصل كم مليون! لا أحد يعرف تحديدا، من أجل مجرد اجتماع شهري بين الأسقف وكهنته يناقشون فيه -برضه مش عارف-

ألا يستطع الأسقف أن يجتمع معهم في الكنيسة عادي؟ ألا يستطع أسقفها توجيه هذه الأموال لشيء أفضل؟ هل لا يصح أن يستفد بها فقراء ومساكين وسط أزمة غلاء طاحنة لكل الطبقات الاجتماعية؟

ذكرت بعض الأمثلة البسيطة جدا ولا أريد أن أسرد البقية لأن الحساسية مرتفعة لدى الأقباط بالرغم من إنهم الممولين!!  غير المزارات الفخمة الضخمة والزيارات الترفيهية المسماة زوراً بالرعوية على البزنس أو الفيرست كلاس والرحلات المكوكية العلاجية التي تتكلف مئات الملايين من الدولارات وكلها من أموال وتبرعات الأقباط!

يا أقباط.. لو تعرف حد محتاج ساعده مباشرةً، لو قادر تساعد مريض ساعده مباشرةً، للأسف من يضع عشوره وتبرعاته من أجل مباني فخمة ضخمة وزجاج معشق ملون وحيطان مذهبة خشب أرو وزان، ويترك الناس المحتاجين فعلا يموتون جوعا ومن المرض في ظل حالة الضنك والفقر المتصاعد يكون إنسان…. فاكر أنه يخدم الكنيسة والمسيح!

بكل أسف فلوسك هذه ليست لخدمة المسيح بل للصرف على طغمات الأساقفة وراحتهم ورفاهيتهم ومقراتهم وأسطول سياراتهم والواحدة منها بكم مليون يعني تكفل 100 عيلة لمدة سنة.

الأساقفة لن يتوقفوا عن سفه الصرف والبذخ اللا مبالاة بحال الناس ولن يشعروا بكم ما دام تدفعون. الأهم عند المسيح بناء الإنسان مش بناء الحيطان!

فوتوكم بعافية!

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

تامر فرج
[ + مقالات ]