لرصد التحوّل الهامّ في لغة ومضمون خطاب البابا شنودة بعد تنحّي مبارك، هناك بشكل خاصّ مقالتان نشرهما في صحيفة الأهرام القومية؛ واحد يوم ٢٧ فبراير ٢٠١١ أي حوالي ١٢ يومًا بعد البيان، أو ١٦ يومًا بعد تنحّي مبارك بعنوان: "العدالة الاجتماعيّة"؛ والثاني يوم ٢ أكتوبر ٢٠١١ بعنوان: "ما الحقّ؟ وأنواعه؟ وماذا ضدّه؟". الأهرام.

المقال جديرٌ بالدراسة والتحليل، ففي المقالات التي حصلنا عليها في صحيفة الأهرام، لغة ومصطلحات هذا المقال فريدةٌ من نوعها، فلم نجد لها مثيلًا لا في كتابات البابا المنشورة ولا في كتبه. المقال الأوّل الذي سيُنقد هنا “العدالة الاجتماعيّة”.

يعتبر البابا شنودة العدالةَ الاجتماعية:

«من أسمى القيم التي يحرص عليها العالم المتحضّر. بل كانت موجودة منذ بداية الخليقة،‏ وقد نادى بها الأنبياء والرسل والمصلحون والمفكّرون الأحرار في تفكيرهم وينادي بها رجال الدين على اختلاف مذاهبهم»

ويحدّد أنّ تنادي بالمساواة وعدم التمايز، فالعدالة الاجتماعيّة هي التي ألغت الرقّ:

«ومع أن الرقّ قد زال إلّا أنّنا للأسف الشديد نرى بعض الكبار يعاملون الذين تحت أيديهم كعبيد»

ويرى البطريركُ بأنّ الفقر أكبر تحدٍّ أمام تحقيق العدالة الاجتماعية فالفقر يرجع إلى “سوء التوزيع”.

العدالة الاجتماعيّة هي التي تحقّق مبدأ تكافؤ الفرص، ويراه من أهمّ مبادئ العدالة الاجتماعية، التي تتنافى مع ما يحدث في المجتمع من المحاباة والمحسوبية والتمييز وعدم المساواة في التوظيف وفي الترقية.

الاشتراكيّة

كيف يمكن القضاء على سوء التوزيع وتحقيق العدالة الاجتماعيّة؟
يرى ال أنّ ذلك يتمّ ذلك عن طريق تطبيق النظام”الاشتراكيّ”، فالاشتراكيّة كما يراها البطريرك “تهدف إلى إزالة الفوارق الاجتماعيّة أو التقريب بين الناس. فلا تزيد الهوّةُ في المستويات بين أفراد الشعب الواحد”.

هل يأملُ البابا في أن تنقضي الطبقات من المجتمع؟
يرى البابا أنّ تفاوت الطبقات سيظلّ موجودًا دائمًا لكنّ المهمّ “لا نريد أن تكون الهوّة واسعة بين أعلى الطبقات وأدناها بحيث تختفي الطبقة الوسطى ويتكوّن المجتمع من كبار الأغنياء وأدنى الفقراء!”. ويرى أنّه:

لا يعقل إطلاقًا أن يكون الجميع في مستوى واحد، وإلا فلماذا إذن أن يتعب من يتعب ويجاهد من يجاهد وإلا أيضا ستزول الحوافز الداخلية ويشعر المرء انه تعب أو لم يتعب فالأمر سيان!

ال تعني “اشتراكنا معًا في كلّ الحقوق السياسيّة وفي كلّ الحقوق الاجتماعيّة واشتراكنا في خير هذا الوطن وفي مصيره“، كذلك يرى البابا أن الاشتراكيّة تضمن “العلاج على نفقة الدولة”، فعدم قدرة الشعب على تلقّي العلاج منافٍ للعدالة الاجتماعية التي تضمنها الاشتراكيّة.

الجمعيّات الخيريّة:

يشجع البابا ما تفعله الجمعيات الخيرية والهيئات التعاونية وما تقوم به الملاجئ ودور الإيواء وجمعيات الإسعاف ويرى فيهم مؤسّسات «لمساعدة الدولة» ويناشدها برفع الأجور حتى تصبح العدالة الاجتماعيّة كاملة شاملة بقدر المستطاع.

يرى البابا أنّ وجوب العدالة الاجتماعية التي تحقّقها الاشتراكيّة إنّما يهمّ:

الفقير رغم أنفه الذي يريد أن يعمل ولا تتاح له فرصة للعمل، أو الذي يكافح حتى ينتهي من دراسته الجامعية ثم يصطدم بمشكلة البطالة حقا لا نقول إن هذا ذنبه إنما هي خطيئة المجتمع الذي لا يوجد له عملا ولا رزقا

لأوّل مرّة يستخدم البابا تعبير “خطيئة المجتمع” ففي أغلب كتاباته يركّز على الخطايا الشخصيّة أو الفرديّة.

مجّانيّة التعليم

يتكلّم البابا عن ضرورة إعادة “مجّانيّة التعليم” التي يرى أنّها لم تعد موجودةً ويستشهد بمقولة إنّ العلم لازم كالماء والهواء.”

أطفال الشوارع:

يتناول البابا مشكلة أطفال الشوارع في مصر:

مشكلة أطفال الشوارع هي عار في جبين العدالة الاجتماعية ومعها النسبة الكبرى ممّن صُنِِّفوا بأنهم تحت مستوى الفقر

ويعتبر ذلك، مسؤوليّة الدولة فهي المسؤولة أمام الله والشعب. إنّ الدولة مسئولة أيضًا على مشكلة غلاء الأسعار وعن مشكلة انخفاض مستوى الأجور.

كذلك فإن مبدأ تكافؤ الفرص هو من أهمّ مبادئ العدالة الاجتماعية وهو بلا شك يتنافى مع ما يحدث في المجتمع من المحاباة والمحسوبية والتمييز وعدم المساواة في التوظيف وفي الترقية ولكنها تدخل تحت موضوع الظلم الاجتماعي الذي لا تقرّه العدالة الاجتماعية.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جون جابريل
راهب في معهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان  [ + مقالات ]

صدر للكاتب:
كتاب نقدي: ، هل من روحانية سياسية؟
تعريب كتاب جوستافو جوتييرث: ، التاريخ والسياسة والخلاص
تعريب كتاب ألبرت نوﻻن الدومنيكاني: يسوع قبل المسيحية
تعريب أدبي لمجموعة أشعار إرنستو كاردينال: مزامير سياسية
تعريب كتاب ال: ومواهب الروح القدس