المقال رقم 2 من 3 في سلسلة المشكلة الإزائية

التأريخ التّقليدي لبشارة مرقس كما نقرأ في كتابات ، أسقف ليون (130-202م) هو كونه تاليًا لبشارة متّى؛ كُتب إنجيل متى بالعبرية أثناء كرازة بطرس وبولس في روما (قبل 64م) بينما كُتب إنجيل مرقس بعد رحيلهما [موتهما] بناءًا على كرازة بطرس (بعد 64م). يأتي إنجيل لوقا ثالثًا، مكتوبًا بيد مُصاحب لبولس في كرازته، وأخيرًا إنجيل يوحنا. هذا هو التّرتيب المتعارف عليه والمستخدم في جميع مخطوطات العهد الجديد وتحقيقاته وترجماته.

في تاريخ الكنيسة ل [1] نقرأ جزء عن كتاب مفقود ل، أسقف هيرابوليس (حوالي سنة 140م):

واعتاد الشّيخ [بابياس، أسقف هيرابوليس] أن يقول هذا: «صار مرقس مترجمًا لبطرس وكتب بدقّة كل ما تذكّره، لكن ليس بترتيب الأشياء التي قالها أو فعلها الرّب». لأنّه لم يسمع الرب ولا تبعه ولكن لاحقًا -كما قُلت- تبع بطرس الذي اعتاد أن يعلّم متى اقتضت الضرورة.

(يوسابيوس القيصري، تاريخ الكنيسة، الكتاب الثالث، الفصل التاسع والثلاثون، ف١٥)

في القرن الرابع لاحظ أوغسطينوس، ، التشابه الكبير بين بشارتي متى ومرقس، ولجأ لتفسير الأمر من خلال الترتيب التقليدي للأناجيل بأن إنجيل مرقس هو اختصار لإنجيل متى. محاولة أوغسطينوس لتخطى التشابه بين الأناجيل الثلاثة؛ متى ومرقس ولوقا، لم تكن الأولى، في القرن الثاني تبنى نسخة من لوقا بإعتبارها “الإنجيل” الوحيد، وإستخدم نصوص مدمجه تشبه نصوص متى ولوقا [2]، وتلاه الذي دمجَ الأربعة بشائر في نصّ Diatessaron الإنجيل الرباعي [3]. ظاهرة دمج النصوص تبدو قديمة و تظهر في كتابات الآباء الرسوليين، وسنعود إليها بشيء من التدقيق لاحقًا.

إن نظرنا إلى منطقية طرح أوغسطينوس بأن إنجيل مرقس هو اختصار لإنجيل متى، فمن المفترض أن نجد فقرات مرقس أقصر دائمًا من متى. ولكن في المقابل يبدو أن متى هو من اختصر مرقس في عدة مواضع، فإن كان مرقس اختصارًا لمتى -كما ظنّ أوغسطينوس- فلماذا يخالف ميله للاختصار ليطيل نصوص متى؟ وإن أراد اختصار متى لماذا يحذف ميلاد يسوع وظهورات القيامة و والأمثال والكثير من أقوال يسوع؟ راجع الفقرات التّالية مثلاًَ:

موضوع الفقرةعدد كلمات الفقرة في إنجيل مرقسعدد كلمات الفقرة في إنجيل متى
مجنون الجداريين٣٢٥١٣٦
إقامة ابنة يايرس٣٧٤١٣٥
إشباع الخمسة آلاف٢٣٥١٥٧

في سنة 1863 قدم عالم اللاهوت الألماني؛ هاينريش يوليوس هولتزمان، نظريّة أسبقية مرقس، والتي تعني أن إنجيل مرقس هو الإنجيل الأوّل، واستخدمه متى ولوقا لكتابة بشارتيهما فيما بعد.

ثم جاء العالم البريطاني؛ ، في عمله الأشهر The Four Gospels [الأناجيل الأربعة] ووضع نقاطًا تمثل الطرح الكلاسيكي للنظرية، وفيما يلي النقاط التي قدمها كلاهما في طرحه:

مسلسلبيرنت هيلمان ستريتر [4]هاينريش يوليوس هولتزمان [5]
١يحتوي إنجيل متى على 90% من إنجيل مرقس، بلغةٍ تشبه لغة إنجيل مرقس، وأيضا يفعل لوقا هذا في أكثر من نصف إنجيل مرقس.يوجد 30 عبارة فقط من إنجيل مرقس لا تظهر في إنجيل متى.
٢أغلب الفقرات المشتركة بين الأناجيل الإزائيّة الثلاث، تظهر في إنجيل متى أو لوقا أو في كلاهما.
٣ترتيب الفقرات في إنجيل مرقس دائمًا ما يُستخدم بواسطة متى أو لوقا أو كلاهما، وهذا التوافق لا يمكن تفسيره إلا باستخدامهما لمصدر أقدم، وهذا المصدر متطابق تمامًا مع إنجيل مرقس.ترتيب إنجيل مرقس أوّلي دائمًا.
٤طبيعة إنجيل مرقس الأكثر  بدائية تظهر في: أ) عباراته الحادة التي تحذفها أو تخفف من وقعها البشارات الأخرى. ب) أسلوبه وتركيبه اللغوي الغير منمق، وأيضًا استخدامه الكلمات الآرامية.كلّما قُورنت الأناجيل، يبدو دائمًا إنجيل مرقس هو النص الأكثر بدائية.
٥دراسة ما تم أخذه أو عدم أخذه من مرقس في كل من إنجيليّ متى ولوقا، تُظهر أن الكاتبان استخدما مرقس كوثيقة واحدة، وواجهتهما مسألة دمجها مع المصادر الأخرى.

بسبب التشابه بين البشائر الثلاث الأولى وعلاقتها بعضها ببعض، تم تسميتها بالأناجيل الإزائيَّة [synoptic]، و صارت هذا البشائر تدرس بالمقارنة بينها من خلال كتابتها على شكل أعمدة رأسية، وسُمي الكتاب الذي يقارن البشائر في أعمدة synopsis.

من الجدير بالذكر أن أقدم كتاب لمقارنة الأناجيل هو كتاب أمونيوس السقاص السكندري [6].

 

فقرة إزائية مقارنة (۱)
مسلسلإنجيل متى ١٦ : ١٣-٢٠إنجيل مرقس ٨ : ٢٧-٣٠إنجيل لوقا ٩ : ١٨-٢١
١ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلًا:ثم خرج يسوع وتلاميذه إلى قرى قيصرية فيلبس. وفي الطريق سأل تلاميذه قائلًا لهم:وفيما هو يصلي على انفراد كان التلاميذ معه. فسألهم قائلًا:
٢«من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟»«من يقول الناس إني أنا؟»«من تقول الجموع أني أنا؟»
٣فقالوا: «قوم: ، وآخرون: إيليا، وآخرون: إرميا أو واحد من الأنبياء»فأجابوا: «يوحنا المعمدان. وآخرون: إيليا. وآخرون: واحد من الأنبياء»فأجابوا وقالوا: «يوحنا المعمدان. وآخرون: إيليا. وآخرون: إن نبيا من القدماء قام»
٤قال لهم: «وأنتم، من تقولون إني أنا؟»فقال لهم: «وأنتم، من تقولون إني أنا؟»فقال لهم: «وأنتم، من تقولون أني أنا؟»
٥فأجاب سمعان بطرس وقال: «أنت هو المسيح ابن الله الحي!»فأجاب بطرس وقال له: «أنت المسيح!»فأجاب بطرس وقال: «مسيح الله!»
٦فأجاب يسوع وقال له: «طوبى لك يا ، إن لحمًا ودمًا لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السماوات. وأنا أقول لك أيضا: أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطًا في السماوات. وكل ما تحله على الأرض يكون محلولًا في السماوات»
٧حينئذ أوصى تلاميذه أن لا يقولوا لأحد إنه يسوع المسيح.فانتهرهم كي لا يقولوا لأحد عنه.فانتهرهم وأوصى أن لا يقولوا ذلك لأحد.

لاحظ تشابه الثلاث أناجيل، الجميع يتفق نصًا وترتيبًا، فيما عدا بعض الإضافات التي تظهر في متى ولوقا مثل:
(٢) إضافة “إبن الإنسان” في متى.
(٣) إضافة اسم “إرميا” في متى، و“قام” في لوقا.
(٥) إضافة “إبن الله الحي” في متى، و“الله” في لوقا.
(٦) إضافة تطويب بطرس كاملًا في متى.

تظهر نفس الفقرة صعوبة أطروحة أوغسطينوس، فإن فرضنا أن التصوُّر التقليدي صحيح، وأن كاتب بشارة مرقس هو مرقس تلميذ بطرس كما كتب بابياس، فلماذا يحذف مرقس تطويب يسوع لبطرس؟ هل الرغبة في الاختصار كافيه لجعله يحذف نصًا يعطي لبطرس تلك الكرامة؟ أم أن الأرجح هو أن متى هو من أضاف تلك الفقرة لإنجيله بعد استخدام مرقس، في حين اكتفى لوقا بنصّ مرقس ولم يضف عليه؟ أيضًا غياب نفس التطويب في بشارة لوقا يصب في صالح عدم معرفة لوقا ببشارة متى واستخدامه لبشارة مرقس فقط.

 

فقرة إزائية مقارنة (۲)
مسلسلإنجيل متى ١٢ : ١-٨ إنجيل مرقس ٨ : ٢٣-٢٨إنجيل لوقا ٦ : ١-٥
١في ذلك الوقت ذهب يسوع في السبت بين الزروع، فجاع تلاميذه وابتدأوا يقطفون سنابل ويأكلون.واجتاز في السبت بين الزروع، فابتدأ تلاميذه يقطفون السنابل وهم سائرون.وفي السبت الثاني بعد الأول اجتاز بين الزروع. وكان تلاميذه يقطفون السنابل ويأكلون وهم يفركونها بأيديهم.
٢فالفريسيون لما نظروا قالوا له: «هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في السبت!»فقال له الفريسيون: «انظر! لماذا يفعلون في السبت ما لا يحل؟»فقال لهم قوم من الفريسيين: «لماذا تفعلون ما لا يحل فعله في السبوت؟»
٣فقال لهم: «أما قرأتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه؟فقال لهم: «أما قرأتم قط ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه؟فأجاب يسوع وقال لهم: «أما قرأتم ولا هذا الذي فعله داود، حين جاع هو والذين كانوا معه؟
٤كيف دخل بيت الله وأكل خبز التقدمة الذي لم يحل أكله له ولا للذين معه، بل للكهنة فقط.كيف دخل بيت الله في أيام أبيأثار رئيس الكهنة، وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة، وأعطى الذين كانوا معه أيضًا»كيف دخل بيت الله وأخذ خبز التقدمة وأكل، وأعطى الذين معه أيضًا، الذي لا يحل أكله إلا للكهنة فقط»
٥ثم قال لهم: «السبت إنما جعل لأجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت.
٦أو ما قرأتم في ال أن الكهنة في السبت في الهيكل يدنسون السبت وهم أبرياء؟ ولكن أقول لكم: إن ههنا أعظم من الهيكل! فلو علمتم ما هو: إني أريد رحمة لا ذبيحة، لما حكمتم على الأبرياء!
٧فإن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا»إذا ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا»وقال لهم: «إن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا»

في تِلك الفقرة أيضًا نجد تشابهًا كبيرًا بين الثلاث بشائر، فيما عدا ما يلي:
(٤) تفرد مرقس بعبارة “في أيام رئيس الكهنة” التي حذفها متى ولوقا، إذ لم يكن أبياثار رئيسًا للكهنة حينما دخل داود للبيت و أكل خبز التقدمة.
(٥) يتفرد بها مرقس وحده.
(٦) يتفرد بها متى وحده.

 

فقرة إزائية مقارنة (٣)
مسلسلإنجيل متى ١٦ : ٢٤-٢٨إنجيل مرقس ٨ : ٣٤ – ٩ : ١إنجيل لوقا ٩ : ٢٣-٢٧
١حينئذ قال يسوع لتلاميذه:ودعا الجمع مع تلاميذه وقال لهم:وقال للجميع:
٢«إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني،«من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني.«إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني.
٣فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي
٤ومن أجل الإنجيل
٥ يجدها.فهو يخلصها.فهذا يخلصها.
٦لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله، وأهلك نفسه أو خسرها؟
٧أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟
٨لأن من استحى بي وبكلاميلأن من استحى بي وبكلامي،
٩في هذا الجيل الفاسق الخاطئ،
١٠فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله.فإن ابن الإنسان يستحي به متى جاء بمجد أبيه مع الملائكة القديسين»فبهذا يستحي ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين.
١١وقال لهم:
١٢الحق أقول لكم: إن من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان «الحق أقول لكم: إن من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله حقا أقول لكم: إن من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله»
١٣آتيا في ملكوته»قد أتى بقوة»

نجد في تلك المقارنة أنه على التشابه الكبير، إﻻ أن كلًا من متى ولوقا يلتزم بعبارات وترتيب بشارة مرقس، إلا في المواضع (٤)، (٩)، (١١).

يُمكن أن نُفسِّر رقم (٩) بطريقتين:
– إما أن متى ولوقا حذفاها لصعوبة العبارة.
– أو إنها أضيفت لمرقس لاحقًا بعدما استخدم متى ولوقا النص.

أما عن رقم (١١) فهي مُكرّرة: “وقال لهم: الحق أقول لكم” ولهذا حذفها متى ولوقا.

بعد هذا الطّرح الموجز لأسبقيّة مرقس، يتبقّى سؤالٌ هام:
في (٤)، لماذا حذف متى ولوقا “ومن أجل الإنجيل”؟

في الجدول التّالي مُقارنة بين الأناجيل الثلاث في استخدامهم لكلمة الإنجيل أو البشارة:

مسلسلإنجيل متىإنجيل مرقسإنجيل لوقا
١١ : ١
٢١ : ١٤
٣١ : ١٥
٤٤ : ٢٣
٥٨ : ٣٥
٦٩ : ٦
٧٩ : ٣٥
٨١٠ : ٢٩
٩٢٠ : ١
١٠٢٤ : ١٤١٣ : ١٠
١١٢٦ : ١٣١٤ : ٩
١٢١٦ : ١٥ (النهاية الطويلة)

يبدو من تلك المقارنة أن:

– مرقس هو الأعلى في استخدام كلمة إنجيل ٧ مرات (بالإضافة لمرة ثامنة في النهاية الطويلة لمرقس ١٦ : ٩-٢٠ غير الموجودة بالمخطوطات الأقدم)
– لم يتفق لوقا مع مرقس ولا مرّة منهم.
– يتفق متى مع مرقس مرّتين.

على أسبقيّة مرقس، من غير الوارد أن يتفق كلا من متى ولوقا على حذف كلمة إنجيل في خمس مواضع مختلفة، خاصّة مع استخدامهما للكلمة في مواقع أخرى (متى أربع مرّات، ولوقا مرّتين)، لذا فالأرجح أن إنجيل مرقس قد مرّ بمرحلة تحرير أخير بعد استخدام متّى و لوقا له، وفي مرحلة التحرير تلك، أُدخلت كلمة الإنجيل عدّة مرّات.

نفس الظاهرة نجدها في العديد من الأسماء و بعض الأمثال و العبارات أيضًا [7]، والمشترك بين جميعها هو غياب سبب لحذف متى ولوقا لها. هذا الأمر وضحه العديد من الدارسين مثل رودولف كارل بولتمان [8]، وهلموت هاینریش كوستر [9]، وديلبرت رويس بوركيت [10]، الذين اعتبروا نسخة مرقس الحالية هي نسخة معاد تحريرها بعدما استخدم متى ولوقا نص مرقس الأقدم.

أنظر الجدول التالي كمثال على إضافة الأسماء إلى مرقس لاحقًا، وبالأخص النقاط ١، ٤.

فقرة إزائية مقارنة (٤)
مسلسلإنجيل متىإنجيل مرقسإنجيل لوقا
١ولما خرجوا من المجمع جاءوا للوقت إلى بيت سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا (١ : ٢٩)
٢ولم يدع أحدا يتبعه إلا بطرس ويعقوب، ويوحنا أخا يعقوب. (٥ : ٣٧)فلما جاء إلى البيت لم يدع أحدا يدخل إلا بطرس ويعقوب ويوحنا، وأبا الصبية وأمها. (٨  : ٥١)
٣وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جبل عال منفردين. (١٧ : ١)وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا، وصعد بهم إلى جبل عال منفردين وحدهم. وتغيرت هيئته قدامهم، (٩ : ٢)وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام، أخذ بطرس ويوحنا ويعقوب وصعد إلى جبل ليصلي. (٩ : ٢٨)
٤وفيما هو جالس على جبل الزيتون، تجاه الهيكل، سأله بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس على انفراد: (١٣ : ٣)
٥ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي، وابتدأ يحزن ويكتئب. (٢٦ : ٣٧)ثم أخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا، وابتدأ يدهش ويكتئب (١٤ : ٣٣)

إذًا،
يمكن مما سبق أن نلخص معطيات البحث كالتالي:

١- يتشابه الثلاث أناجيل نصًا، مما يستوجب دراسة العلاقة بينهم.

٢- مقارنة البشائر في أعمدة، تظهر اتفاق متى ولوقا على ترتيب مرقس ونصه، وإن اختلف أحدهم مع مرقس نجد أن الآخر يتّفق مع مرقس [11].

٣- يبدو أن متى ولوقا تاليان على مرقس، ونظرًا للتشابه النصي معتمدان عليه. ولو افترضنا العكس (أنّ مرقس هو من اعتمد على متى أو لوقا) فعلينا أن نقدم مبررًا واضحًا لحذف مرقس لرواية الميلاد والموعظة على الجبل وأقوال وأمثلة يسوع وظهورات القيامة. لعدم توفر أيّ مبرر منطقي لحذف مرقس لهذه الفقرات. فرضية أوغسطينوس لا تجد قبولًا الآن، والأكثر اتفاقًا مع المعطيات هو استخدام متى ولوقا لنسخة من إنجيل مرقس.

٤- نظرًا لوجود إضافات و حذف مختلفين في استخدام متى ولوقا لبشارة مرقس، فمن غير الوارد أن نفترض معرفة متى بنص لوقا، أو لوقا بنص متى.

٥- من الواضح في مرقس أنّه تم إضافة مجموعة من الأسماء [12]، والتعليقات [13] ومثل الحبّة التي تنمو سرًا [14] على النص بعدما استخدمه متى ولوقا، كما يُعد حذف متى ولوقا لهذه الفقرات غير وارد لعدم وجود مبرر أدبي أو لاهوتي واضح للحذف.

هوامش ومصادر:
  1. يوسابيوس القيصري، تاريخ الكنيسة، الكتاب الثالث، الفصل التاسع والثلاثون، ف15 [🡁]
  2. Helmut Koester, Ancient Christian Gospels: Their history and development 1990, p.365 [🡁]
  3. ططيانوس الآشوري، تاتيان الأديابيني، تاتيان السوري، Tatianus: (حوالي 120-180م) كاتب وعالم لاهوت مسيحي آشوري عاش في القرن الثاني الميلادي. أعد في عام 160م كتابًا يعرف باسم «دياتسارون» (أي «الهارموني بين الأربعة»، بمعنى التوافق بين أربع أجزاء) وفيه محاولة لدمج البشائر الأربع معًا في إنجيل واحد. ويعتبر الدياتسارون [الإنجيل الرباعي] أكثر أعمال تاتيان تأثيرًا، حيث دمج فيه أناجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا في رواية واحدة، والتي أصبحت النص القياسي للأناجيل الأربعة في الكنائس الناطقة باللغة السريانية حتى القرن الخامس الميلادي. والتي أعقبتها الطريق إلى الأربع الأناجيل المنفصلة في إصدار ال. [🡁]
  4. B. H. Streeter, The Four Gospels: A Study of the Origins 1930, p.151-152, Macmillan [🡁]
  5. James D. G. Dunn, Jesus Remembered 2003 p.42, Eerdmans [🡁]
  6. , Studying the Synoptic Gospels: Origin and interpretation 2001, p.18, Baker Academic [🡁]
  7. راجع فقرة إزائية مقارنة (٢)، النقطة رقم ٥ [🡁]
  8. R. K. Bultmann, History of the Synoptic Tradition 1963, p.213. Translated by , Harpers & Row Publishers [🡁]
  9. , Ancient Christian Gospels: Their History and Development P.143 [🡁]
  10. D. R. Burkett, Rethinking the Gospel sources: From proto-Mark to Mark 2004, p.135, New York: T&T Clark International [🡁]
  11. راجع فقرة إزائية مقارنة (١) النقطة رقم ٦، فقرة إزائية مقارنة (٢) النقطة رقم ٦، فقرة إزائية مقارنة (٣) النقاط أرقام ٧، ٨، ١٣ [🡁]
  12. إضافة اسم في مرقس ١٠ : ٤٦، بالإضافة لأسماء بطرس ويعقوب ويوحنا كما ذكرنا.[🡁]
  13. راجع فقرة إزائية مقارنة (٢) النقطة رقم ٥ [🡁]
  14. إنجيل مرقس ٤ : ٢٦-٢٩ [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: المشكلة الإزائية[الجزء السابق] 🠼 المشكلة الإزائية[الجزء التالي] 🠼 التقليد Q
جون إدوارد
[ + مقالات ]