في سبتمبر 2019م، ترجمت هذه القصة وقد اخترتها من ضمن 5 قصص لحسن ختامها، غير عالم بما سيحدث بعد شهور قليلة. ففي نوفمبر من نفس العام، 2019م، بدأ انتشار وباء الكورونا، وكنا نظن إنه إنفلونزا غريبة!! ولكن مع تزايد أعداد الإصابات اتضح الأمر، كأن ما كُتب في هذه القصة كان نموذجًا يتم تطبيقه أو خطوات لا مفر منها!! فكان ما كان من موت عشرات الآلاف في مختلف جهات العالم، حتى وصل إلى أكثر من 8 ملايين من البشر (وما خفي كان أعظم). حفظكم الله وإيانا من كل الأمراض والأوبئة.
تصوَّر هذا:
إنك عائدٌ إلى المنزل بعد رحلة عمل لساعاتٍ طويلة، فتسمع راديـو السيارة، وتنتبـه إلى خبرٍ يُذاع يقول: ”إنَّ في قرية صغيرة في الهند، فوجئ الأطباء بوفـاة عـددٍ قليل مـا بين 3 أو 4 من القرويين هناك، بسبب حالة إنفلونزا لم يَرَوْا مثيلًا لها. إنها ليست إنفلونزا، ولكنها مرضٌ غريب لم يعرفوه بعد. وقد أرسلوا عددًا من الأطباء لفحص هذه الحالات“.
وفي اليوم التالي تستمع إلى الأخبار، فتعلم أنَّ العدد تزايَد، فأصبح 30 ألفًا من القرويين. ويبـدأ التليفزيون في نَشْر هـذه الأخبار، وأنَّ بعض سُكَّان ولايـات أمريكا الجنوبية، بـدأوا في السَّفَر بعيدًا خوفًا من هذه الآفة التي ظهرت مُجدَّدًا.
وفي الصباح التالـي، تسمع عـن انتشـار الفيروس في باكستان وأفغانستان وإيران… وفي كل مكان تسمع أخبارًا عن هذا الوباء. ثم تسأل نفسك: ”كيف نستطيع مواجهة هذا الوباء؟”.
ثم يظهـر الرئيس الفرنسي على التليفزيون، ليُعلِن أنَّ فرنسا قد أغلقت حدودها مع جيرانها، مِمَّا يصدم كل أوروبا؛ بل إنَّ رِحْلات الطيران توقَّفت بين الهند وباكستان وإيران. أما أنت فتُتابع هذه الأخبار عن كَثَبٍ، وخاصةً حينما تسمع قصة رجلٍ مـن باريس قـد أصابته هـذه الإنفلونزا الغريبة! لقد اخترق هذا المرض أوروبا!
مرَّةً أخرى، تسمع عن هذا المرض: فالإنسان الذي تعرَّض لهذا المرض، يُصاب لمدَّة أسبوع، ولكـن بدون أعراضٍ ظاهرة. ثم يُصاب لمدَّة أربعة أيـام بأعراضٍ لا تُصدِّقها من غرابتها، ثم أخيرًا يموت!
ثم تتواتـر الأخبار، بـأنَّ انجلترا قد أغلقت حدودهـا مـع دول أوروبـا، إذ سـبق ذلـك، إصابة أشخاص مـن عـدَّة مدن هناك: ليفربول، وما جاورها.
وفي صباح اليوم التالي، تُفاجأ بهـذا الخبر: رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يُعلِن في التلفاز الآتي: ”بناءً على مخاطـر أمنيـة، فـإنَّ كـلَّ الطائـرات القادمة مـن أوروبا، والمسافرة إلى هناك، قـد أُلغِيَتْ رحلاتها. فـإذا كـان أحبَّاؤكم هناك، فنحن نأسف لذلك، فلا يمكننا قَبُول دخولهم إلى بلادنا، حتى نجد علاجًا لهذا المرض“.
وفي غضـون أربعة أيـام تصير الدولة كلهـا غارقة في حالةٍ من الخوف والرعب من جراء هذا المرض: ”الإنفلونـزا المجهولة“! والناس يقولـون: ”ماذا لو أصاب هذا المرض بلادنا؟”، وتكلَّم الوعَّاظ من على المنابر وقالوا: ”إنه تأديبٌ من الرب“!
وفي غـد هـذا اليوم يستمع الجميع لهـذا الخبر: ”توجـد امرأتـان في مستشفى قـريبة مـن العاصمـة تحتضران بسبب هـذا المرض المجهول“. فلقـد سيطر هـذا المرض على كل أرجاء الدولة واخترق الحدود.
بدأ الأطباء والعلماء يعملون على مدار الليل والنهار في محاولة منهم لإيجاد لِقاح مُضاد لهذا المرض. ولكن لم تنجح كل هذه الأبحاث. ونتيجة لـذلك، فقـد انتشر المـرض في: كاليفورنيا، أريزونا، فلوريدا… فالمرض ينتشر كالوباء، ولا نتيجة للأبحاث لدرء الخطر عن الدولة كلها.
الأخبار السارة:
تتداعَى الأحداث، ثم تنفرج عـن خبرٍ سار أبهج الجميع: لقـد تمَّ فكِّ شفرة هـذا المرض اللعين، وعرف العلماء أنَّ لقاحًا (1) يمكن أن يتمَّ تكوينه لمواجهة هـذا المرض. فسوف يتمُّ أَخْذ دماء شخص مُتبرِّع لم يُصَبْ بعد بهذا المرض. ولـذلك تمَّ التنبيه على كـل الناس أن يذهبوا إلى المستشفيات الرئيسية ليتـمَّ فحص عينـات الدَّم الخاصة بهم. ونتيجـة لهـذا التنبيـه، يـذهب الجميع إلى المستشفيات. وهناك تجـد جـارك مـع امرأته وأولاده، وتجد أقاربك: عمك مـع عائلته، وخالك مع خالتك وأولادهما الذيـن لم تَرَهُم منذ زمنٍ بعيد. ويتبادَل الجميع التحيَّات والقبلات.
فيدخل الجميع الواحد تلو الآخـر، لأَخذ عينة الدَّم منه، ثم ينتظر الجميع -وأنت منهم- في ساحة انتظار وهم مترقِّبون نتيجة التحاليل.
فجأةً، يخـرج شخص مـن الطاقـم الطبي يُنادي على اسمٍ مُعيَّن. وتجـد أنَّ ابنك يُنبِّهك أنه اسمه! وقبل أن تنتبه له، تجـد ابنك قـد خُطِفَ مـن جانبك، وأُخِذَ إلى داخل المستشفى. فتصرخ وتقول: ”انتظروا! ما الأَمر“؟ فيُقال لك: ”إنَّ دمه نقي، لم يتلوَّث بعـد. ولـذلك سوف نتأكَّد أنه لم يُصَبْ بالمـرض اللعين. ونعتقد أنَّ فصيلة دمه مُطابقة للشروط“!
تمـرُّ خمس دقائق ثقيلة على الجميع، ثم يخرج الأطبـاء والممرضات، وبعضهم يبكي، والآخرون يُهنئون بعضهم بعضًا وهم فرحـون! فيأتي نحوك طبيب كبير ويقول لك: ”شكرًا، يا سيِّد. فدماء ابنك نقيَّة تمامًا! يمكننا أن نصنع منها اللِّقاح المطلوب“.
وتنتشـر هـذه الأخبار إلى كل مَـن حولكم. فيفـرح البعض ويُهنئون بعضهم بعضًا، والبعض الآخـر يبتهجـون مُصَلِّـين وشاكـريـن لِمَـا توصَّل إليه الأطباء.
ثم يأتي الطبيب الكبير ويُناديك أنت وزوجتك، قائـلًا: ”هـل مـن الممكن أن نتكلَّم قليلًا“؟ ثم يستطرد ويقول: ”لم نكن نعرف أنَّ صاحب هذه العيِّنات سيكون صغيرًا هكذا؟… نحن نريد منكما أن توقِّعا على صيغة موافقة“!
فتقرأ هـذه الورقـة، ثم تبـدأ في التوقيع بالموافقة؛ ولكـن تنظر إلى بيانٍ غير مكتوب في الورقة، وهو يحتوي على كَمَيَّة الدَّم التي ستؤخذ من المتبرع! فتسـأل الطبيب: ”كم هي كَمَيَّة الدَّم المطلوبة“؟ هنا تختفي ابتسامة الطبيب، ويقـول: ”لم نكن نعلم أنـه ولدٌ صغير، فلم نكن مُستعدِّين لذلك. فنحن سنحتاج إلى كل كَمَيَّة الدَّم“!!!
– فتُجيب: ”ولكن، ولكن، إنه ابني الوحيد“!
– فيُجيبك الطبيب: ”ولكننا نتكلَّـم هنا عـن احتياج العالم كله… أرجوك أَكْمِل توقيعك! نحن في عَجَلةٍ من الأمر“.
– تَرُدُّ وتقـول: ”أَلا يمكن أن تُنقل إليه دماء أخرى“؟
– يُجيب الطبيب: ”إذا كـان لدينا دماء نقيَّة، لكُنَّا أعطيناه… إذا سمحتَ أَكْمِل توقيعك“.
وبأنامل مرتعشة، وبرجفة تسري في دمائك، تُكمِل توقيعك على صيغة الموافقة على أَخْذ كـل دماء ابنك!!
”أفسحوا الطريق! تفضَّل مـن هنا يا سيِّدي! إنه هنا في هذا المكتب“. وحينئذ تجد ابنك جالسًا، وهو يقول لك: ”أبي، أُمي، لماذا أنا؟ ما الذي يجري ههنا“؟ فتأخذ يديه بين يديك وتقول له: ”يا ابني، إنَّ أُمك وأنا نُحبُّك ولا يمكـن أن نسمح بأيِّ أمـر أن يحدث لك دون جدوى! هل تفهم هذا“؟
– وبعد ذلك يدخل الطبيب ويقول: ”أنا آسف، ولكـن علينا أن نبدأ! إنَّ الناس يموتون في كـل أنحاء العالم“.
– فيردُّ ابنك: ”أبي، أُمي، لماذا هذا؟ ما الذي يحدث؟ لماذا تتركونني“؟
بعد أسبوع من هـذه الأحداث، يكـون هناك لقاء لتكريم ابنـك. ولكـن، البعض كانوا نيامًا، والبعض الآخـر لا يُفكِّرون أن يأتـوا. وهنا أَلا تنفعل وتغضب وتصرخ قائلًا لهم: ”إنَّ ابني مات لأجلكم! ألاَ تفهمون؟ أَوَلا تهتمُّون؟ هل يعني هذا أي شيء لكم“؟
هل هذا هو ما يُريد الله أن يقوله لنا: ”أَلا تفهمون؟ أَلا تُدركون أنَّ ابني قد مات لأجلكم! أَلا يعني هذا أي شيء لكم؟ أَلا تهتمُّون“؟
«لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَـنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ»
(إنجيل يوحنا 3: 16)
«(الله) اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِـهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَـهُ كُلَّ شَيْءٍ؟»
(رسالة بولس إلى العبرانين 8: 32)
(1) ”اللِّقاح“ هو إدخال ميكروبات أو مادة مُعدية في الجسم بكمية مُقدَّرة لإحداث درجة خفيفة مـن المرض، يتبعها توليد مناعة.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
نحاول تخمين اهتماماتك… ربما يهمك أن تقرأ أيضا:
- ليسوا وسطاء عزيزي المتابع، وحضرتك -في الغالب- أعلم مني، تعرف أن الكنيسة لم تقل إن القديسين وسطاء بين المرء والله، بل تؤكد أن الوسيط الوحيد هنا هو (الإنسان) يسوع المسيح...